للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تفسير قوله تعالى: (والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم)

قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:٨] أي: الذين كفروا لهم الخيبة ولهم التعس ولهم التعاسة ولهم الشقاء ولهم الوبال ولهم الهلاك والشنار، ولهم من الله عز وجل الدمار، فقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ} [محمد:٨] أي: يتعسهم الله ويخزيهم ويخيب أمرهم سبحانه وتعالى.

فلست أنت الذي تصنع، وإنما الله سبحانه وتعالى يصنع ذلك، قال تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال:١٧].

وهل الكفار فقط الذين يتعسون؟ الله عز وجل ذكر ذلك، وذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن من الذين يتعسون من عبد الدنيا ومن طلب الدنيا ومن كان همه فيها الدينار والدرهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم).

فالإنسان الذي همه الدنيا إنسان تعيس، دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالتعاسة وبالخيبة وبالشقاء وبأن لا ينال مراده من هذه الدنيا، قال: (تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش).

فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم لأن همه في الدنيا، لا يهتم لدين ولا لصلاة ولا لصوم ولا لدعوة إلى الله سبحانه، سواء انتصر المسلمون أو انهزموا لا يهمه ذلك، المهم ماله! فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: خيبك الله، تعست أيها الإنسان، أنت همك نفسك فقط، وأنت ما خلقت إلا لإقامة هذا الدين، فكل أمر الله عز وجل ليس على بالك، فلا تستحق إلا التعاسة والخيبة والشقاء.

قال: (تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش)، الانتقاش: إزالة الشوكة بالملقاط، فيدعو عليه النبي صلى الله عليه وسلم أنه لو شيك فلا قدر على أن يخرجها من قدمه؛ لأنه لا يستحق أن يعافى؛ لأنه ابتعد عن دين الله سبحانه وتعالى.

بل الكافر له التعاسة وله الشقاء، وكذلك من المسلمين من تركوا دين الله عز وجل وراءهم ظهرياً وعبدوا الدرهم والدينار، وأقبلوا على الدنيا وعلى تحصيلها من كل مكان، وفروا من القتال في سبيل الله عز وجل ومن الجهاد في سبيله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>