[تفسير قوله تعالى:(وأما الذين فسقوا فمأواهم النار)]
قال الله تعالى:{وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمْ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}[السجدة:٢٠]، هذا القسم الثاني: الإنسان الكافر الفاسق الذي يستكبر، والفاسق: الإنسان العاصي وإن كان مسلماً، فلا يستوي المؤمن مع الفاسق أبداً، سواء كان فسقاً أكبر مخرجاً من الملة، أو فسقاً ليس مخرجاً من الملة، فلا يستوي المؤمن مع الفاسق، ولا يستوي المطيع مع العاصي، ولا يستوي البر مع الفاجر، ولا يستوي التقي مع الشقي، قال الله تعالى:{وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ}[السجدة:٢٠]، هذا مكان الإيواء الذي يؤويهم، والذي لا يخرجون منه إلا ما شاء الله سبحانه وتعالى.
قال الله تعالى:{وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا}[السجدة:٢٠]، كأنهم توهموا أنهم يخرجون، والنار سوداء مظلمة والعياذ بالله، تدور بهم النار فتفور بهم، فإذا فارت صعدوا إلى أعلاها فظنوا أنهم يخرجون منها، فيريدون الخروج فتهوي بهم مرة ثانية، قال تعالى:{كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا}[السجدة:٢٠]، والعياذ بالله:((أُعِيدُوا فِيهَا)).
وقال تعالى:{وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ}[الحج:٢١]، {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}[الحج:٢٢]، والمقامع: ما يقمع به الإنسان من مرازب من حديد، ومرزبة حديد يعني: مقلاع من حديد، يضربون بها على رءوسهم فيعادون إلى أسفل النار والعياذ بالله، قال تعالى:{وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}[السجدة:٢٠].