قال سبحانه وتعالى:{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}[فاطر:٢٥] أي: لست أول رسول يكذب فقد كذبت الأمم السابقة لرسلنا إليهم المؤيدين بالبينات والحجج قال تعالى: {جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ}[فاطر:٢٥]، البينات: هي الحجج الواضحات، سواء بينات عقلية يخاطبهم الله عز وجل بها، أو أشياء بصرية ينظرون إليها من معجزات حسية تدلهم على قدرة الله سبحانه، وتثبت لهم أن هذا رسول من عند الله، أو بكتب ينزلها على رسله يعرفون منها الحق من الباطل، قوله:{وَالزُّبُرِ}[آل عمران:١٨٤] هي: الكتب المزبورة المنزلة من عند الله على رسله ومعنى: مزبورة: أي: مكتوبة، وزبر الكتاب بمعنى: كتب الكتاب، فقوله:{وَبِالْكِتَابِ}[فاطر:٢٥] أي: بجنس الكتاب وأل هنا هي الجنسية، والمعنى: الرسالة التي جاءت إلى هؤلاء الأنبياء من عند رب العالمين سبحانه واللفظ يشمل: كل كتاب قوله: {الْمُنِيرِ}[فاطر:٢٥] نعت للكتاب والكتاب المنير: أي البين الواضح الذي يبصر ما فيه من الحق من هداه الله سبحانه تبارك وتعالى، ثم قال سبحانه:{ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}[فاطر:٢٦] يخبرنا سبحانه تبارك وتعالى عن أخذه، وهو القائل عن نفسه:{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}[البروج:١٢]، وإذا أخذ الله الكفار فلن يفلت من عذابه أحد منهم، بل سيأخذهم جميعهم ولن يقدروا على الهرب من الله سبحانه، قوله:{فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}[الحج:٤٤] , أي: فكيف كان إنكاري عليهم بعقوبتي إياهم، فهم حين فعلوا المنكرات أنكرت عليهم، فأرسلت إليهم الرسل؛ ليبينوا لهم ويوجهوهم ولكنهم أصروا على كفرهم وتكذيبهم، ثم أنكرت عليهم بالقول فأرسلت بالكتاب الرسول، فلم يؤمنوا بل ازدادوا تكذيباً وعتواً، ثم أنكرت عليهم بالفعل فأخذتهم فكيف كان نكيري وفي الآية قراءات منها: إذا وصلت هذه الآية بالتي تليها فقراءة ورش (فيكف كان نكيري ألم تر) وأما يعقوب فيقرأ بالياء وقفاً ووصلاً فيقرأ (نكيري) ونكيري: إنكاري، وباقي القراء يقرءونها وصلاً ووقفاً:(فكيف كان نكير) وإذا وقفوا يقفون بالسكون، وإذا وصلوا فينطقون بالكسرة فيقولون:(كيف كان نكير ألم تر) بالكسر من غير ياء.