نزلت هذه الآية في سببين: في السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها، ونزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.
والسيدة زينب بنت جحش أراد النبي صلى الله عليه وسلم تزويجها من زيد بن ثابت، فكرهت ذلك وكره أخوها ذلك، فقد نظرت إلى نفسها أنها بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم، فأمها هي عمة النبي صلى الله عليه وسلم فهي شريفة من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف تتزوج من زيد بن حارثة رضي الله عنه وهو مولى.
وقد كان عبداً عند السيدة خديجة أهدته للنبي صلى الله عليه وسلم ثم أعتقه النبي صلى الله عليه وسلم ومنّ عليه بالعتق ثم تبناه صلوات الله وسلامه عليه قبل أن يحرم الله عز وجل التبني؟ فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوج زيداً من زينب بنت جحش رضي الله عنها، فأبت زينب ذلك وجاء القرآن يخبر أنه إذا اختار النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً لا بد وأن يكون ما اختاره عليه الصلاة والسلام، هذا سبب من أسباب نزولها.
السبب الآخر هو في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، فقد وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ليتزوجها، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم لها غيره، فإذا بها لا تريد ذلك وكرهت وكره أخوها أيضاً أن تتزوج غير النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءت الآية تعلمهم أن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لهم هو خير من اختيارهم لأنفسهم، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب:٣٦].
فإن كان سبب النزول خاصاً في أمر النكاح ولكنه عام، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
فعموم اللفظ: أي اختيار يختاره النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين في أمر حياتهم، أو في أمر جهادهم ومغازيهم، أو في أمر عملهم، وفي أي أمر من الأمور، فالخير للناس أن يتبعوه عليه الصلاة والسلام.