[تفسير قوله تعالى:(ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار)]
قال الله تعالى حاكياً عن المؤمن:{وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ}[غافر:٤١] يتعجب المؤمن من هؤلاء القوم: أنا أدعوكم إلى الله سبحانه وتعالى وأدعوكم إلى الجنة، أسوق لكم الأدلة شيئاً فشيئاً، وقد جاءكم موسى عليه الصلاة والسلام قبل ذلك ببينات ومع ذلك لا تؤمنون وتريدون أن تدعوني إلى النار! فهم يعبدون غير الله سبحانه وتعالى، ويعبدون الأصنام والأبقار، ثم وصل بهم الأمر إلى أن عبدوا فرعون من دون الله سبحانه، فهو يقول: تدعونني إلى هذه الأشياء التي لا تسمع ولا تستجيب وليس لها دعوة في الدنيا والآخرة، وأنا أدعوكم إلى الله الرب الذي خلقكم والذي يملككم ويملك هذه الدنيا ويملك الآخرة.
قال تعالى:{تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ}[غافر:٤٢] أي: تدعونني لشيء من الجهل، ليس لي ولا لكم، تدعونني إلى الكفر وإلى عبادة البقر، وإلى عبادة فرعون الذي لا يملك لنفسه شيئاً، والكفر بالله: هو الجحود، أي: أن يعتقد أنه لا يوجد إله، والشرك بالله: أن يتخذ أنداداً مع الله، وحاشا لله سبحانه وتعالى، فهم يدعونه للكفر والشرك بالله، وهو يدعوهم إلى الله سبحانه العزيز الغالب القوي الجناب الذي لا يمانع، الذي إذا قال للأمر كن فلابد وأن يكون، سبحانه وتعالى عما يقوله الظالمون علواً كبيراً.
وقوله تعالى:{وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ}[غافر:٤٢] العزيز: هو الله الغالب سبحانه، والغفار: غافر الذنب وقابل التوب، يغفر الذنوب ويمحوها سبحانه وتعالى ويسترها على أصحابها، ويكفر عنهم سيئاتهم.