والإنسان المؤمن ينتظر فضل الله سبحانه وتعالى، ويعلم أن الله يمحصه ويبتليه حتى يثبت على هذا الإيمان وحتى يرى الله سبحانه وتعالى منه ما عاهد الله عز وجل عليه.
وقد ابتلى الله عز وجل المؤمن بالكافر، فليصبر المؤمن إذا رأى الكافر أمامه أقوى منه، وأكثر عدداً منه، فقد ثبت المؤمنون في مثل هذه المواقف، وعرفوا أن النصر من عند الله سبحانه وتعالى، فتوكلوا على الله فكانوا مؤمنين، فمدحهم الله سبحانه، والمنافقون مذبذبون بين هؤلاء وبين هؤلاء، لا هم أظهروا إيماناً وكان في قلوبهم هذا الإيمان، ولا هم أظهروا كفراً وعلم من حالهم أنهم كفار، فهم لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فلذلك كان مصيرهم من الله أن يكونوا في الدرك الأسفل من النار يوم القيامة، فقد فضحهم في الدنيا وسوف يعذبهم ويجعلهم في أسفل سافلين يوم القيامة، فالمؤمنون الذين مدحهم الله سبحانه وتعالى قال فيهم:{لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ}[الأحزاب:٢٤]، وهذا وعد من الله مؤكد ويقين.
فقوله تعالى:{لِيَجْزِيَ}[الأحزاب:٢٤] أي: لتكون العاقبة للمؤمنين أن يجزيهم الله جزاءاً بصدقهم؛ لأنهم صدقوا الله سبحانه وتعالى فصدقهم الله، وعاهدوا الله فوفوا فاستحقوا من الله سبحانه الجزاء الأوفى، فقوله تعالى:{لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ}[الأحزاب:٢٤]، أي: بسبب صدقهم، يجزيهم ويعطيهم الثمن على ذلك الجنة بسبب صدقهم.