للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[معنى قوله: (من قبل أن تمسوهن)]

قال الله تبارك وتعالى: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب:٤٩]، وفيه إشارة إلى أن النكاح في أصل معناه: الوطء والدخول، فيكون عقداً مع وطء، ولكن قد يكون النكاح مجرد عقد فقط، فلذلك احترز وذكر: {نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب:٤٩].

وهنا القرآن فيه غاية الأدب في التعبير عن الجماع بهذه الألفاظ التي هي مهذبة جميلة، فيقول: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب:٤٩]، فيكني عن الجماع بالمس.

وذكر هنا: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب:٤٩]، أي: تطئوهن، ولذلك أخذ ابن عباس رضي الله عنه من ذلك أن المس الذي ذكره الله عز وجل في: {لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء:٤٣]، معناه أيضاً: الوطء، وليس معناه أن يمسها بيده، فإذا أمر الإنسان بالغسل من لمس النساء فمعناه الجماع.

{مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب:٤٩]، هذه قراءة الجمهور.

وقراءة حمزة والكسائي وخلف: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تُماَسُّوهُنَّ} [الأحزاب:٤٩]، فجعلها من المساس، وكأنه يمسها وهي تمسه، في أمر الجماع.

{فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ} [الأحزاب:٤٩]، وهذه قراءة الجمهور بكسر الهاء.

وقراءة يعقوب: {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهُنَّ} [الأحزاب:٤٩]، فإذا وقف عليها يقول: (عَلَيْهُنْ).

<<  <  ج:
ص:  >  >>