وقوله تعالى:(تَهْجُرُونَ) فيها قراءتان: قراءة نافع المدني: (تُهجرون)، وقراءة باقي القراء:(تَهجرون)، و (تُهجرون) من أهجر، ومنه الهُجر في الكلام بمعنى: الفحش والكلام القبيح، فهم يتكلمون بالفاحش من القول والقبيح من الطعن في النبي صلى الله عليه وسلم، و (تهَجرون) من الهجر، أي: قطيعة النبي صلوات الله وسلامه عليه، ومنه الهجرة أي: قطع هذا الشيء وانتقل عنه إلى غيره، فهم يقاطعون النبي صلى الله عليه وسلم، أو من الهجر بمعنى الهذيان والتخريف، يقال: المريض يهجر، بمعنى: يخرف، و (سامراً تهجرون) أي: يخرفون كهذيان المريض ويخلطون في الكلام، وكانوا يسهرون ويقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مجنون، وهذا القول من خرافاتهم وأكاذيبهم على النبي صلى الله عليه وسلم، وهم يعرفون أنه ليس بمجنون صلوات الله وسلامه عليه، ويقولون عنه: ساحر، وأنه جاء بقطيعة الرحم وأنه كذاب، فيخلطون في الأقوال، والإنسان المجنون لا يميز بين الحق والباطل وبين الصواب والخطأ، وهؤلاء لا يميزون في كلامهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، فهم يهجرون أي: يهجرون ويخرفون في القول ويتكلمون بالفحش في النبي صلوات الله وسلامه عليه، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الكلام في الليل، وكأنه من عادة المشركين، فهم يسهرون الليل من أجل أن يتكلموا في حقوق الناس أو ينشئوا الأشعار مثلاً.