تفسير قوله تعالى: (والذي نزل من السماء ماءً بقدر)
قال تعالى: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الزخرف:١١] أي: الذي نزل المطر من السحاب.
وقد جعل الله عز وجل لهذا الماء دوره في الكون يصعد من الأرض إلى السماء وينزل من السماء إلى الأرض وكل ذلك بقدر الله.
فالشمس تبخر كمية معينة من هذه المياه ولو شاء الله لأدنى الشمس إلى الأرض فبخرت الماء كله فصعد إلى السماء ولكن جعل البعد بمقدار، كما قال: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد:٨] وهذا الماء المبخر يصعد إلى السماء بقدر.
ولو أن الله عز وجل لم يخلق الرياح لسوق السحاب لنزل المطر في نفس المكان ولم يستفد به أحد.
ولكن الله العظيم سبحانه خلق الرياح لتحرك السحاب حيث يشاء الله عز وجل ثم يأمر بنزول الماء على من يشاء من خلقه سبحانه بقدر، قال تعالى: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ} [الزخرف:١١].
ولو شاء الله تعالى لفتح السماء فنزل الطوفان وأغرق المكان الذي ينزل فيه.
ولو شاء الله عز وجل لصرفه فأصبح الناس لا يجدون شيئاً.
ولكن الله بفضله ورحمته جعل هذا الماء ينزل من السماء قطرات لا تؤذي خلق الله سبحانه؛ فيغيثهم به وينبت لهم الزرع وينفع به بهيمة الأنعام ومن يشاء من خلقه سبحانه.
فهذا الماء الذي نزل من السماء، وهذه الأرض الذي تزرعونها لا تعرفون عنها إلا ما علمكم الله سبحانه.
فقد خلق دواباً في الأرض لتنتفعوا ومن ذلك: دود صغير يأكل تراب الأرض لكي يفكك أجزاء التربة، فإذا نزل المطر عليه انتفع به الإنسان فينبت النبات.
فخلق الله هذه الدابة لتخدمك وأنت لا تراها.
فمن كفران هذه النعم أن يعرض عنها الإنسان ويعبد غير الرحمن سبحانه وتعالى.
قال تعالى: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ} [الزخرف:١١] أنشر بمعنى: أحيا.