الكفار كانوا يتبجحون في الدنيا فيشركون بالله حتى عند بيته المعظم، وكانوا يذهبون فيطوفون وقد علَّم الله عز وجل من قبلهم أن يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
فينبهنا الله سبحانه تبارك وتعالى بأنه الإله وحده، فإذا بالمشركين يزيدون في شركهم، ويقولون: لبيك لا شريك لك لبيك، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك، وهذا كلام فارغ يقولونه لعنة الله على المشركين! انظر إلى هذا الأحمق الجاهل المغفل حين يقول: لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك! فكيف يكون شريكاً لله الذي يملكه؟! فهو مخلوق يملكه الله، وإذا بهذا المشرك يقول: لك شريك، وهذا الشريك تملكه، وتملك الذي يملكه هذا الشريك! قال تعالى:{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ}[الروم:٢٨]، أي: هل تقبلون على أنفسكم هذا الشيء؟ وهل لكم شركاء مما ملكت أيمانكم؟ العبد الذي ذهبت إلى السوق واشتريته بمالك وأعطيت هذا العبد من مالك، هل يجرؤ العبد في يوم من الأيام أن يقول لسيده: شاركني؟! فلو قال هذا الشيء لقتله صاحبه، فإذا بهذا العبد يدعي لله عز وجل الشريك، حاشا لله سبحانه تبارك وتعالى! هؤلاء المتبجحون بالشرك إذا جاءوا يوم القيامة يقول لهم عز وجل:{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي}[فصلت:٤٧] أين هؤلاء الشركاء؟ {قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ}[فصلت:٤٧]، ((آذَنَّاكٍَ)) أي: ما رأينا، ولا نعرف، وما لك شريك، فيوم القيامة يتبرءون، قال تعالى:{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ}[البقرة:١٦٦]، {قَالُوا آذَنَّاكَ}[فصلت:٤٧] أي: أعلمناك ونشهد أمامك يا رب العالمين أنه ما كان لك شريك أبداً، ما لك شريك أبداً، ويذكرهم الله في الدنيا أنهم سيقولون هذا يوم القيامة، فارجعوا عن هذا الذي تشركونه في الدنيا قبل أن تنكروا يوم القيامة فلا ينفعكم الإنكار.
{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ}[فصلت:٤٧]، هذه قراءة الجمهور، ((وَيَوْمَ يُنَادِيهُمْ)) قراءة يعقوب.
{أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا}[فصلت:٤٧]، هذه قراءة الجمهور، وقراءة ابن كثير:((أَيْنَ شُرَكَائِيَ قَالُوا آذَنَّاكَ))، أعلمناك، شهدنا أمامك يا رب العالمين، {مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ}[فصلت:٤٧] أي: ما أحد أبداً يشهد بأن لك شريكاً، ولا نشهد بذلك، ولا نقول بهذا الشيء، وهذا يكون يوم القيامة حين لا ينفع الاعتراف.