[تفسير قوله تعالى:(ويقولون متى هذا الوعد قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون)]
قوله تعالى:{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}[النمل:٧١]، أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كلما قال لهم -يخوفهم بيوم القيامة-: اتقوا الله، وخافوا يوم الحساب، يقولون: متى يوم الحساب؟ إنك تتوعدنا به وبأنه قريب، ولكنا لا نرى مما تتوعدنا به شيئاً، وكيف تقول إن الله يقول:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}[النحل:١]، ولم يأت أمر الله هذا؟ إذاً: فالله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: إنهم يقولون لك: ((مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ))، وهم ينتظرون جواباً منه صلى الله عليه وسلم، فالله عز وجل يقول جواباً على سؤالهم:{قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ}[النمل:٧٢]، أي: لماذا تستعجلون؟ فعسى أن يكون بعض ما تستعجلونه، وربما أتاكم ما توعدون قريباً وقد كان ذلك، فـ أبو جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وغيرهم يوم بدر كانوا كلهم صرعى، فألقاهم المسلمون في قليب بدر، ووقف النبي صلى الله عليه وسلم على هذا القليب ينادي على هؤلاء الكفار: أن جاءكم ما توعدون.
وقوله:((قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ))، أي: قد اقترب منكم بعض الذي تستعجلون من العذاب، و (رَدِفَ) بمعنى: تبع أو أتبع، فكما يقولون: فلان رديف لفلان، أي: آت بعده، فالمعنى: أن الموت آت بعدكم مباشرة، فلا تستعجلوه.