يقول الله سبحانه:{قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ}[الأحزاب:٥٠] فرضنا على المؤمنين أشياء وقد نخفف عنك أنت في هذه الأشياء، فللمؤمن أن يتزوج:{مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}[النساء:٣] أما النبي صلى الله عليه وسلم فله أكثر من ذلك عليه الصلاة والسلام، أحل الله عز وجل له ذلك للحكم التي ذكرنا من قبل، ومن أهمها: الدعوة إلى الله سبحانه، فإن امرأة واحدة لا تكفي أن تبلغ ما ينزل في بيت النبي صلى الله عليه وسلم من الأحكام الشرعية من كتاب ومن سنة، فامرأة واحدة لا تكفي، إذا كان رجل واحد لا يكفي كيف بالمرأة الواحدة؟ والنبي صلى الله عليه وسلم لكونه معصوماً، ولكون الله تبارك وتعالى أعطاه القوة والقدرة على ذلك فقد بلغ واستطاع أن يبلغ، أما غيره فلا يقدر على ذلك فكيف بالنساء، فلذلك جعل الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج ما شاء من النساء، فتبلغ كل واحدة ما نزل في بيتها وما علمته من النبي صلى الله عليه وسلم من الأحكام الشرعية للخلق.
قال الله سبحانه:{قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}[الأحزاب:٥٠] يتزوج الرجل وله أن يتسرى، فيشتري أمة ويطأ بملك اليمين، قال تعالى:{لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ}[الأحزاب:٥٠] فإن الذي أحل لك هو الله عز وجل، فلا حرج عليك، وليس من حق أحد أن يعترض على ربه سبحانه.
{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[الأحزاب:٥٠] يغفر لك وللمؤمنين، ويرحمك والمؤمنين.
الإمام القرطبي يذكر لنا في هذه الآية أن الله تبارك وتعالى قد خص النبي صلى الله عليه وسلم في الأحكام الشرعية بمعان لم يشاركه فيها أحد صلى الله عليه وسلم، ففرض عليه أشياء جعلها فريضة، وحرم عليه أشياء جعلها محرمة، ولا تكون هذه فريضة على غيره، ولا هذه محرمة على غيره عليه الصلاة والسلام.