يخبرنا ربنا سبحانه وتعالى في هذه الآيات الكريمة أن كل إنسان يعمل شيئاً فهو مجزي به، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ}[فصلت:٤٦] أي: لنفسه يكون الجزاء الحسن من عند الله سبحانه تبارك وتعالى، وقد عمل وهو المستفيد، {وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا}[فصلت:٤٦] أي: فقد اجتلب الإثم والعذاب من الله سبحانه على نفسه، فهو المستحق لذلك بفعله، والله عز وجل لا يظلم أحداً، قال سبحانه:{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[فصلت:٤٦]، فهو يجزي عن الحسنة بعشر أمثالها، ويضاعف لمن يشاء أضعافاً عظيمة كثيرة، وعلى السيئة بمثلها، وقد يعفو ويتجاوز سبحانه تبارك وتعالى، فالله لا يظلم أحداً شيئاً.
{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[فصلت:٤٦]، وهنا مقام العبودية ومقام العبد بين يدي سيده أنه يستجيب لربه وينفذ ما يؤمر به، وأنه لا يعصيه، وأنه لا يبعد عن سيده، فإذا فعل ذلك استحق عقوبة الله وهو الذي ظلم نفسه، والإنسان هو الذي يظلم نفسه، فالله لا يظلم أحداً.
{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[فصلت:٤٦]، فالغرض منها أن كل إنسان يؤمل رحمة الله فليعمل صالحاً، فإذا عمل صالحاً استحق رحمة الله واستحق الجزاء الحسن، وكل إنسان يخاف من عذاب الله فليحسن ولا يسيء، قال تعالى:{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ}[فصلت:٥٠] فإذا عصى العبد ربه سبحانه، فهو الذي جلب على نفسه الويل والعذاب فلا يظلم ربك أحداً.