تفسير قوله تعالى:(والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقاً لما بين يديه)
قال الله تعالى:{وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ}[فاطر:٣١].
قوله:((وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ)) كأنه عطف هذه الجملة على الجملة السابقة، {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ}[فاطر:٣١] أي: هذا القرآن العظيم وحي من الله سبحانه وهو الحق، وليس كلامك أنت، {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}[فاطر:٣١] أي: أنه صدق الكتب السابقة، صدق صحف إبراهيم:{إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}[الأعلى:١٨ - ١٩]، وصدق كتاب موسى التوراة، وكتاب عيسى الإنجيل، وصدق المرسلين السابقين عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام، ((مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ)) يعني: ما تقدم وسبق وسلف قبل ذلك، ((إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ)).
وذكرنا قبل ذلك أن الله عليم سبحانه، وخبير بمعنى عليم، فإذا جاءت مفردة فتكون بمعنى العلم، أي يعلم ما خفي من الأمور، فالله عز وجل عليم وهو علام الغيوب سبحانه وتعالى، كما أنه شهيد خبير.
فالعلم أن يحيط بهذا كله، والخبرة: هي العلم بالشيء الدقيق الخفي، أي: الذي يخفيه صاحبه ويسره في نيته وفي قلبه، فهو خبير بما في القلوب سبحانه، وهو شهيد على ما يظهره العباد.
فكأن الشهادة علم ما هو ظاهر، والخبرة علم ما هو خفي باطن، والعلم يحيط بهذا كله، فالله عليم خبير شهيد سبحانه، ((إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ)) أي: يبصر كل ما يصنعه العباد، ما أبدوه وما أخفوه فالله يرى هذا كله.