قال الله تعالى:{الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[الزخرف:١٠].
من آيات قدرته سبحانه وتعالى، ومن عظيم نعمته، ومما تفضل به على عباده، أن رحمهم وأراهم رحمته:((الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا)) أي: سواها لكم وجعلها مستوية تقدرون على أن تقفوا فوقها، وعلى أن تناموا عليها، وعلى أن تقعدوا وتسيروا وتذهبوا في فجاجها، سواها لكم ومهدها لكم وفرشها لكم، ومنعها من أن تميد بكم بما جعل فوقها من جبال رواسٍ.
وقوله تعالى:{وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا}[الزخرف:١٠] أي: طرقاً تسيرون فيها وتذهبون إلى معايشكم، وقوله تعالى:{لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[الزخرف:١٠] أي: تهتدون حين تعرفون هذا طريق كذا، وهذا طريق كذا، فلم يدع الطرق جميعها طريقاً واحدة فيضيق عليكم، ولم يجعلها كلها مشتبهة فتضلون فيها، ولكن ميز لكم بين هذا وهذا؛ لعلكم تهتدون إلى طريقكم في ذهابكم إلى معايشكم، فإذا اهتديتم في الدنيا إلى معاشكم، كذلك تهتدون أن الذي جعل ذلك كله وخلقه وأوجده هو الله الذي يستحق العبادة، فلعلكم تهتدون لعبادته مما ترون من عظيم نعمه وآلائه وآياته سبحانه، ولعلكم تهتدون إلى ربكم سبحانه وتعالى فتعبدونه وحده.