[تفسير قوله تعالى:(لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين)]
قال الله تعالى:{لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}[الدخان:٨]، بعد أن ذكر الربوبية عقب بذكر الإلهية كعادته في كتابه سبحانه، فتوحيد الربوبية: هو الإقرار بأنه الرب الخالق، وتوحيد الألوهية: هو التوجه إليه بالعبادة وحده وعدم الإشراك به، وقوله:{لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ}[الدخان:٨]، {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}[فاطر:٣]، فإذا كان يخلق ويحيي ويميت فلم تؤلهون وتعبدون غيره؟ و (لا) في الآية نافية لجنس الألوهية عن أحد غير الله، ولا بد من تقدير شيء هنا؛ لأنهم قد عبدوا آلهة من دون الله سبحانه، فيكون التقدير: لا إله حق إلا هو، ولا نقول كما يقول النحويون في لا النافية للجنس: إن تقدير الخبر موجود، فيقولون: لا إله موجود، وهذا غير صحيح؛ لأن هناك آلهة موجودة غير الله عز وجل، كما قال الله سبحانه:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً}[الجاثية:٢٣] فاتخذ إلهً من دون الله وهو الهوى، وقال تعالى:{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا}[مريم:٨١] أي: أنهم اتخذوا آلهة غير الله سبحانه وعبدوها من دون الله، فالإله كل ما عبد من دون الله سبحانه، والله هو الذي يستحق وحده العبادة.
إذاً: فتقدير خبر (لا) النافية للجنس هو: حق، وإذا قيل: موجود فلا بد أن يوصف بأنه موجود حق، فيكون المعنى: لا إله حق إلا الله وحده وما سواه آلهة باطلة، {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ}[الدخان:٨].
نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.