وهذه الآية أيضاً أصل في تناول الأسباب والأخذ بها، وطلب المعاش بالتجارة والصناعة والاحتراف وغير ذلك.
فالإنسان المؤمن يعمل ويكتسب بعرقه وبتعب يده، وهذا من أشرف الكسب، فيبيت وقد غفر الله عز وجل له بكسبه وتعبه، فلا يجلس فارغاً في بيته ويقول: لم أجد العمل المناسب، بل إذا وجد عملاً ولو غير مناسب أو ضعيف وهو حلال فهو أفضل له عند الله عز وجل من أن يتكفف الناس، ويمد يده إليهم، وينتظر من ينفق عليه.
ولذلك نقول لإخواننا الشباب: اجتهدوا واتعبوا واشتغلوا ولا يجلس الواحد بعد أن يتخرج من الكلية في بيته فارغاً، ويستدين أموال الناس، وإنما يعمل ولو عملاً ضعيفاً، ويتعب نفسه، والله عز وجل سيكافئه على قدر تعبه، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطلاق:٢ - ٣].
فالأنبياء كانوا يتعبون، وكانوا يتوكلون على الله سبحانه، وقد قال ربنا سبحانه وتعالى عن داود:{وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ}[الأنبياء:٨٠]، فعلمه صنعة الزرود، وصنعة الدروع، وعلم سيدنا نوحاً كيف ينجر ويصنع السفينة، والنبي صلى الله عليه وسلم تاجر وتعب، صلوات الله وسلامه عليه، وقد رعى الغنم قبل ذلك عليه الصلاة والسلام، ثم شرفه الله عز وجل بالجهاد في سبيله، وجعل رزقه تحت ظل رمحه، فالإنسان المؤمن لا يأنف من طلب الرزق طالما أنه من وجه حلال.
نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.