ذكرنا في الحديث السابق أن الله سبحانه وتعالى يمتن على هذه الأمة الإسلامية بنعمة الاصطفاء والاجتباء والاختيار، قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}[البقرة:١٤٣]، وقال:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران:١١٠]، فهذه الأمة خير الأمم وأفضل الأمم، وهي الأمة الوسط أهل العدالة الذين يشهدون على الأمم السابقة قبلهم، أورثهم الله عز وجل الكتاب، أي: أعطاهم الأحكام الشرعية في هذا القرآن العظيم، قال تعالى:((ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ)) أي: أعطينا الميراث لهذه الأمة، فكأن الكتب السماوية هي الإرث الذي يتركه الأنبياء على نبينا وعليهم الصلاة والسلام، فإن استحق أتباعهم أن يأخذوا هذا الكتاب كان معهم حتى ينتهي أمرهم، وإن تركوا دين ربهم، فإن الله عز وجل يخلف غيرهم ويرسل رسولاً من عنده سبحانه وتعالى، وينزل عليهم شريعة من الشرائع، ويخلف هؤلاء الأمم من كانوا قبلهم، فالله تعالى جعلهم خلائف في الأرض، حتى جاءت أمتنا الأمة المصطفاة، وأنزل الله عليهم هذا القرآن فأورثهم أحكام كتاب ربنا سبحانه وتعالى، وأعطاهم علم هذه الأحكام من شريعة وعقائد وغير ذلك، مما في كتاب الله عز وجل وفي هدي النبي صلوات الله وسلامه عليه.
الاصطفاء: هو مشتق من الصفوة، وهو الخلوص، فهي الأمة التي استخلصها الله عز وجل من الأمم، وجعلها الوارثة لعلم النبوة ولهذا الكتاب العظيم ولسنة النبي صلى الله عليه وسلم.