للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (فقد كذبوكم بما تقولون)]

يقول الله سبحانه وتعالى لهؤلاء: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً} [الفرقان:١٩]، أي: يقول الله للمشركين الكفار: فقد كذبتكم هذه الآلهة التي عبدتموها من دون الله سبحانه، {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} [الفرقان:١٩].

وقوله: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ} [الفرقان:١٩]، هذه قراءة الجمهور، وقراءة قنبل عن ابن كثير: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا يَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ} [الفرقان:١٩]، وقوله: ((فَمَا تَسْتَطِيعُونَ)) هذه قراءة حفص فقط، وقرأ باقي القراء: ((فَمَا يَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا)) فعلى ذلك قوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ} [الفرقان:١٩]، إما أنه يخاطب المؤمنين أو يخاطب الكفار، فإذا كان الخطاب للمؤمنين فيكون المعنى: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ} [الفرقان:١٩]، أي: هؤلاء الكفار {بِمَا تَقُولُونَ} [الفرقان:١٩]، وبما أتيتموهم من كتاب وسنة أيها المؤمنون! وإذا كان الخطاب للكفار فيكون المعنى: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ} [الفرقان:١٩]، يعني: هؤلاء الآلهة كذبوكم أيها الكفار! بما كنتم تقولون وتزعمون من أنهم ينفعونكم وأنهم يضرونكم، قال تعالى: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا} [الفرقان:١٩]، قرأ حفص عن عاصم: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ} [الفرقان:١٩]، يعني: يا أيها الكفار! {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا} [الفرقان:١٩]، وقرأها الجمهور: (فما يستطيعون)، يعني: الآلهة لا تقدر على الصرف ولا على النصر، والصرف معناه: التحويل، فقوله تعالى: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا} [الفرقان:١٩]، أي: لا تستطيعون أيها الكفار صرف العذاب عن أنفسكم، ولا هذه الآلهة تقدر أن تصرفه وتزيله عنكم.

{وَلا نَصْرًا} [الفرقان:١٩]، أي: ولا يستطيعون نصركم في هذا اليوم، وحمايتكم من عذاب الله وبطشه سبحانه، فكذبتهم آلهتهم التي عبدوها من دون الله سبحانه، فما استطاعت أن تصرف عنهم العذاب، ولا استطاعت نصرهم على قضاء الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} [الفرقان:١٩]، وهذا خطاب على العموم، فكل من يظلم وخاصة الظلم الأكبر الذي هو الشرك بالله سبحانه، كما قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:١٣]، فجزاؤه كما قال الله: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} [الفرقان:١٩]، أي: ليس أي عذاب، وإنما العذاب العظيم الكبير الأليم، نسأل الله العفو والعافية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>