يقول الله عز وجل:{فَاذْكُرُونِي}[البقرة:١٥٢]، فلو ذكرت ربك فالنتيجة قوله تعالى:{أَذْكُرْكُمْ}[البقرة:١٥٢]، وانظر إلى جمال كلامه سبحانه وتعالى وجمال
الجواب
{ اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}[البقرة:١٥٢]، والنبي صلى الله عليه وسلم يذكر لنا درجة الذي يذكر الله سبحانه وتعالى فيقول فيما يرويه عن ربه:(من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم)، إذاً: كلما ذكرت الله عز وجل في مكان كلما ذكرك الله سبحانه وتعالى في مكان خير من المكان الذي ذكرته فيه سبحانه، قال تعالى:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ}[البقرة:١٥٢].
كذلك: أخبر الله عن المؤمنين أنهم يذكرون الله سبحانه كثيراً فقال: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب:٣٥]، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحب أن يجلس مع أقوام يذكرون الله سبحانه وتعالى فقال:(لئن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة -أي: الفجر- حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل)، أي: أحب إليه من أن يعتق أربع رقاب من العرب، فهو يحب الجلوس في المسجد لذكر الله من وقت الغداة إلى أن تطلع الشمس قال:(ولئن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة)، صلوات الله وسلامه عليه.
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أيضاً قوله:(سبق المفردون)، أي: الذين يفردون الله عز وجل بالذكر سبحانه، (قالوا: ما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات)، فالمفردون: هم الموحدون ربهم سبحانه، الذاكرون الله كثيراً، فهؤلاء سبقوا، أي: إلى الآخرة، فالذي يسبق بهذا السباق هم المتقدمون الذاكرون الله كثيراً، والذين لا يزال لسانهم رطباً بذكر الله سبحانه وتعالى.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وغيره أنه قال:(ما عمل آدمي عملاً قط أنجا له من عذاب الله تعالى من ذكر الله)، إذاً: فأفضل عمل ينجيك عند الله سبحانه هو ذكر الله سبحانه، ولا يكفي أن تذكر الله ساعة فقط، بل لا يزال لسانك رطباً بذكر الله، فكلما قمت أو نمت أو ذهبت أو جئت فأنت تذكر الله تعالى، وعلى لسانك ذكر الله سبحانه وتعالى.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:(إن شرائع الإسلام كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به، فقال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله)، وقال في الحديث الآخر الذي رواه الترمذي:(ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قال صلى الله عليه وسلم: ذكر الله تعالى) فذكر الله أعظم من هذا كله، فقد تحدث هذه الأشياء مرة ثم تنقطع، ولكن الذكر لا ينقطع أبداً، فإن العبد يصل بالذكر إلى درجات عالية جداً، قال سبحانه:{أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد:٢٨].
نسأل الله عز وجل أن يطمئن قلوبنا بذكره، وأن ينصر الإسلام والمسلمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.