{إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}[الزخرف:٥٩] أي: فهو عبد من عباد الله سبحانه وتعالى، ورسول أرسله الله عز وجل إلى بني إسرائيل يدعوهم إلى عبادة الله وليس إلى عبادة نفسه، ولذلك يقول في المشهد يوم القيامة ما يخبر الله عز وجل عنه في سورة المائدة {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ}[المائدة:١١٦ - ١١٧] فالأمر الذي أمر به المسيح عليه الصلاة والسلام قومه هو أن اعبدوا الله وحده لا شريك له، ولم يقل لهم اعبدوني من دون الله سبحانه.
وهو شهيد كغيره من الرسل على قومه قال:{وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ}[المائدة:١١٧] أي: لما قبضتني كنت أنت الذي تشاهدهم، وتحكم عليهم وتحفظ عليهم ما يقولون وما يفعلون، فالمسيح ما هو إلا عبد من عباد الله سبحانه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث:(من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وأن المسيح عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)، فالذي يشهد بأن النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله وأنه رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكذلك يشهد أن المسيح عليه الصلاة والسلام عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه ويشهد أن الجنة حق وأن النار حق يدخله الله عز وجل الجنة على ما كان من عمله.
وهو أي المسيح معجزة من معجزات الله سبحانه وتعالى، فقد جعله الله يحيي الموتى، ويبرئ الأكمة والأبرص والأكمة هو الأعمى خلقة ولعل الإنسان إذا عمي بسبب مرض من الأمراض يعالج، أما الذي ولد أعمى فلا سبيل إلى علاجه، فالمسيح عليه الصلاة والسلام كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويخبر أن ذلك بإذن الله وليس من عند نفسه هو، {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ}[آل عمران:٤٩] وهذا من أعماله العظيمة التي جعلها الله عز وجل آيات لقومه ليؤمنوا به عليه الصلاة والسلام {وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}[الزخرف:٥٩].