[تفسير قوله تعالى:(إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون)]
قال تعالى:{إِذْ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ}[غافر:٧١].
قوله:(إذ) ظرفية فيها توقع حدوث الشيء، فسوف يعلمون في زمن كذا وفي وقت كذا إذ يحدث لهم كذا.
قوله تعالى:{إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ}[غافر:٧١] الأغلال: جمع غل، والغل: هو القيد الذي تربط به اليدان إلى رقبة الإنسان، فتغل يد الأسير وتربط بسلسلة إلى رقبته، فكذلك يصنع بهؤلاء، بحيث تربط أيديهم فتغل في أعناقهم فلا يقدرون على الفكاك ولا الهرب.
وقوله:(والسلاسل يسحبون) أي: السلاسل يسحبون بها، قال تعالى:{فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ}[الحاقة:٣٢]، فهي سلاسل يسحبون بها وسلاسل يسلكون فيها والعياذ بالله، كما تسلك حبات السبحة في الخيط، فتدخل من أفواههم وتخرج من أدبارهم، كالشيء المشوي على سيخ والعياذ بالله! قال تعالى:{إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ}[غافر:٧١] أي: يسحبون بهذه السلاسل، إلى أين؟ قال:{فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ}[غافر:٧٢] والعياذ بالله! يؤخذون بأغلالهم وسلاسلهم فيسحبون على وجوههم إلى الحميم، والحميم: هو السائل الذي بلغ الغاية النهائية القصوى من درجات الحرارة، وفي الدنيا يبلغ الماء أقصى درجة الحرارة مائة درجة مئوية، وهذا في الدنيا، أما في الآخرة فالسائل يبلغ أكثر من ذلك؛ فالذي يوقد عليه هو نار جهنم والعياذ بالله، ولو تخيلنا أن هذه الشمس قريبة منا بمقدار ثمان دقائق، وهذه الشمس درجة حرارتها الخارجية تصل إلى ستة آلاف درجة مئوية، أما في نواة الشمس وداخلها فتصل درجة الحرارة إلى ستة ملايين درجة مئوية، فحرارة هذه الشمس ليست كنار جهنم، فكيف تكون نار جهنم؟! وكم تكون درجة الحرارة التي تبلغ فيها وهي سوداء مظلمة تصل إلى أقصى ما يكون من درجات الحرارة والعياذ بالله؟! وفي هذه النار سائل ينضج عليها النار، وهو من صديد أهل النار والعياذ بالله، مما يسيل من جلودهم، فهؤلاء يسحبون على ذلك الحميم السائل الذي بلغ أقصى درجات الحرارة، ثم يؤخذون فتوقد بهم نار جهنم والعياذ بالله، قال تعالى:{ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ}[غافر:٧٢] أي: يصيرون وقوداً للنار والعياذ بالله.