[تفسير قوله تعالى:(ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا)]
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل:{تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ}[الشورى:٢٢].
يخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية بأن الظالمين يوم القيامة يشفقون على أنفسهم من كسبهم الباطل، مما اكتسبوا من الشرك بالله سبحانه والكفر، والوقوع في المعاصي العظيمة وظلم الخلق، تراهم مشفقين حين لا تنفعهم شفقتهم.
قال تعالى:((تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا)) أي: مما اقترفوا في هذه الحياة الدنيا.
قوله:((وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ)) أي: جزاء أعمالهم واقع بهم، فسيجازيهم الله عز وجل يوم القيامة ويعذبهم، ولا تنفعهم رحمتهم لأنفسهم ولا شفقتهم على أنفسهم ولا اعتذارهم إلى ربهم سبحانه.
أما المؤمنون فهم في روضات الجنات، قال تعالى:((وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ)) فالمؤمن هو الذي اتقى ربه سبحانه، والذي عمل بكتاب الله عز وجل وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يبدل ولم يحرف ولم يغير، واتبع صراط الله المستقيم، فهؤلاء المؤمنون الذين عملوا الصالحات لهم روضات وبساتين في جنات الخلود، في أعالي الجنات، ولهم مكان عظيم يتنزهون فيه ويتنعمون فيه ويفرحون بالجزاء فيه، ((لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ)) ذلك الفضل تفضل الله عز وجل به عليهم، وجعلهم الفائزين الناجين المفلحين، وأعطاهم من رحمته سبحانه وتعالى، وأدخلهم الجنة وجعل ذلك أعظم الفوز.