قال تعالى:{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلاً}[الفرقان:٢٥]، أي: اذكر ذلك {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ}[الفرقان:٢٥]، فقبل أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يسبق ذلك حساب الله سبحانه وتعالى لعباده، فاذكر {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ}[الفرقان:٢٥]، يعني: اذكروا هذا اليوم، وليكن على بالكم، واعملوا لهذا اليوم، يوم تشقق السماء فترى فيها الغمام الذي يحجب ما وراءه، وينشق هذا الغمام وينزل منه الملائكة، يقول ابن عباس: تتشقق سماء الدنيا فينزل أهلها وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والإنس، ويبدل الله سبحانه الأرض، قال تعالى:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ}[إبراهيم:٤٨]، إذاً: فالأرض تسع هؤلاء كلهم، ولا شك أن الأرض شيء صغير جداً بجوار السماء، فالملائكة حينما ينزلون، لا تسعهم هذه الأرض، ولكن الله عز وجل يبدلها أرضاً أخرى فتسع هؤلاء كلهم، فيأتي الملائكة وينزلون من عند رب العالمين سبحانه.
يقول ابن عباس: فينزل أهلها وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والإنس، ثم تنشق السماء الثانية فينزل أهلها وهم أكثر ممن في السماء الأولى، ثم كذلك حتى تنشق السماء السابعة.
وهذا شيء فظيع جداً وشيء مهول، فالخلق واقفون، والملائكة تنزل وتحيط بهم، والناس في فزع عظيم نسأل الله العفو والعافية، ويسأل الناس الملائكة أفيكم ربنا؟ مما يرونه من عظمة الملائكة في هذا اليوم ونزولهم من السماء، فيظنون أن فيهم الله سبحانه، ثم يأتي الله سبحانه وتعالى لفصل القضاء، نسأل الله عز وجل العفو والعافية.
يقول سبحانه:{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ}[الفرقان:٢٥]، أصلها: تتشقق، فقوله:(تشَّقَّق) قراءة أبي عمرو، وأما قراءة الكوفيين: عاصم وحمزة والكسائي وخلف وباقي القراء: (وَيَوْمَ تَشَّقَّقُ السَّمَاءُ) بمعنى: تتشقق السماء، والمعنى: المبالغة، فالسماء يأتي أمر الله إذا بها تكشط كما يكشط الشيء من على وجه اللبن.
فقوله تعالى:{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ}[الفرقان:٢٥]، يعني: تتشقق فيبدو الغمام عن الغمام، وقوله تعالى:{وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا}[الفرقان:٢٥]، أي: ملائكة السماء ينزلون من السماء وأهل الأرض يسألونهم: فيكم ربنا؟ فيقولون: لا، قال تعالى:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}[الفجر:٢٢]، فجاءت الملائكة من السماء وأتى ربنا سبحانه وتعالى، قال تعالى:{وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ}[الفرقان:٢٥]، يعني: أنزلهم الله سبحانه وتعالى، هذه قراءة الجمهور، وقراءة ابن كثير:(وننزِلُ الملائكة تنزيلاً)، يعني: ينزلهم الله عز وجل من السماء فيحيطون بأهل الأرض.