هذه هي السورة الثانية والعشرون من كتاب الله سبحانه تبارك وتعالى، وهي سورة الحج، والتسمية لما ذكر فيها من أمر المناسك.
هذه السورة: آياتها أربع وسبعون آية على العد الشامي، وخمس وسبعون آية على العد البصري، وست وسبعون آية على العد المدني، واختلاف العد هو للاختلاف في أماكن الوقوف على رءوس الآية.
قيل: إنها مكية إلا ثلاث آيات، وقيل: بل هي مدنية إلا أربع آيات، والراجح أنها مكية مدنية، بعض آياتها نزلت في مكة، وبعض آياتها نزلت في المدينة.
هذه السورة ميزت على غيرها من السور بأن فيها سجدتي تلاوة، سجدة في أولها، وسجدة في آخرها، فمن قرأها فليسجد السجدة الأولى وليسجد السجدة الثانية، وجاء حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في إسناده ضعف أنه قال:(فضلت سورة الحج بسجدتين، من لم يسجدهما فلا يقرأهما) وينبغي لمن قرأ السجدة في القرآن كله أن يسجد استحباباً وليس على سبيل الوجوب.
ذكر الغزنوي أن هذه السورة من أعاجيب السور في أمر نزولها، وما اشتملت عليه من أحكام ومن حكم، فقال: نزلت ليلاً ونهاراً، يعني: فيها آيات نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بالليل وآيات أخرى نزلت عليه بالنهار، سفراً وحضراً، يعني: نزل بعضها وهو مسافر صلى الله عليه وسلم، ونزل بعضها وهو مقيم صلى الله عليه وسلم بالمدينة، مكياً ومدنياً يعني: فيها آيات مكية وآيات مدنية، فمن المكي فيها قوله سبحانه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ}[الحج:١]، ومن المدني فيها قوله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الحج:٧٧]، فإن من سمات السور المدنية النداء بقوله:(يا أيها الذين آمنوا).
قال: سلمياً وحربياً، يعني فيها آيات السلم وفيها آيات الحرب، قال: ناسخاً ومنسوخاً، محكماً ومتشابهاً.
هذه السورة بدأها الله سبحانه تبارك وتعالى بقوله:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ}[الحج:١] وهذه الجملة من سمات السور المكية التي نزلت في العهد المكي، خلال الثلاث عشرة سنة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم في مكة.