يبين الله لماذا يعذب أهل النار فقال:{إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ}[الصافات:٦٩]، أي: وجدوا آباءهم ضالين، صادفوا ووجدوا آباءهم على ضلالة وعن بعد عن الحق فاقتدوا بآبائهم، قال تعالى:{قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}[الزخرف:٢٢]، وقال تعالى:{وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}[الزخرف:٢٣]، قالوا ذلك ولم يعملوا عقولهم، ولم يفكروا فيما يقوله رسولهم عليه الصلاة والسلام؛ فاستحقوا عذاب الله سبحانه، فالله أعذر الخلق، وأنذرهم وبين لهم؛ كي لا يكون للناس على الله الحجة بعد الرسل.
فجاءت الرسل ودعوا الخلق إلى الله، فإذا بهؤلاء يرفضون إلا تقليد الآباء، يقولون: الهدى ما وجدنا عليه آباءنا من غير تفكير في ذلك، قال سبحانه:{إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ}[الصافات:٦٩ - ٧٠]، فهم يستحثون الخطا ويركضون وراء الآباء في تقليدهم آباءهم.
قال تعالى:{وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ}[الصافات:٧١]، أي: ليس هؤلاء فقط الذين ضلوا، بل هم مقلدون لمن سبقهم من الأوائل في الضلال، قال تعالى:{وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ}[الصافات:٧١]، فأكثر الخلق كانوا على الضلالة والعياذ بالله، {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[الأنعام:١١٦].
قال الله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنذِرِينَ}[الصافات:٧٢]، فأنذر الله سبحانه وخوف العباد وحذرهم، {فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}[الصافات:٧٣ - ٧٤]، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من عباده المخلصين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.