[فضل إقامة الحدود]
وأما أحكام شرع الله عز وجل، وحدود كتاب الله، وما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يطبق شيء من ذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لحد واحد يقام في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحاً)، فلأن يقيموا حداً واحداً من حدود كتاب الله عز وجل، خير لهم؛ لأنهم بإقامتهم لحدود الله سبحانه وتعالى، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر يفتح عليهم البركات من السماء والأرض، ولكنهم اتبعوا أهواء الكفار.
فمثلاً يقول الكفار: تحرير النساء، وهؤلاء يقولون كذباً وزوراً كما يقول هؤلاء المجرمون: نحرر النساء! ولا يدرون بأن النساء كن عند هؤلاء الكفار مجرد إماء، وكانت المرأة عندهم شيطاناً ورجساً، وقد كان اليهود إذا حاضت المرأة يهجرون البيت كله الذي فيه هذه المرأة؛ لأنها عندهم نجسة.
فقالوا: نحرر المرأة مما كانوا فيه من رق للمرأة، ومن وصفها بأنها شيطان، ومن كونها عندهم لا تعقل ولا تفهم، فقالوا: نحرر المرأة، فإذا بالمسلمين يقولون: نحرر المرأة، ومن أي شيء يحرر المسلمون المرأة؟! لم يبق عندهم إلا أن يحرروها بزعمهم من شرع ربنا سبحانه فيقولون: هي حرة تلبس ما تشاء، وتفعل ما تشاء، وتخرج مثل الذكور، وليس لأحد سلطان عليها، حتى إن بعض الكافرات ممن تكتب في صحف المسلمين تقول: لا بد من تحرير المرأة، ولا مانع من قوامة المرأة على الرجل، وهي أستاذة في الفلسفة، ومع ذلك تتكلم بهذا الشيء! فقد أصبح كل من هب ودب يتكلم في دين الله عز وجل، حتى هذه المرأة الفاجرة المتبرجة الكافرة تقول ذلك، ولا تستحي أن تقول: لا مانع من قوامة المرأة على الرجل! والله عز وجل يقول: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء:٣٤]، فضل الله عز وجل الرجل على المرأة في الخلقة، وجعل له عليها القوامة عليها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة).
فقال المشايخ بجواز ذلك، وأنه ليس هناك مانع من أن تتولى المرأة أمر الناس، وهذا الكلام هو في بنت كسرى فقط، وأما باقي الناس فكلهم مفلحون، وكل من يولي أمره امرأة فهو مفلح، ولكن يختلف الفرس! فهؤلاء الكذابون الأفاكون الذين يكذبون على النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤولون ما يقوله صلوات الله وسلامه عليه هم الذين جرءوا أمثال هؤلاء الفاجرات على ذلك، وجرءوهن على دين الله سبحانه بفتواهم: أنه لا مانع أن تكون المرأة قوامة على الرجل، ولا مانع أن تكون المرأة رئيسة أو تكون ملكة أو تكون ما تكون، لا مانع من ذلك، مجاملة للغرب الكافر؛ لأنهم في ميثاق الأمم المتحدة أول ما ذكروا في ذلك تحرير المرأة، وأن المرأة تكون كالرجل في كل شيء، ولا بد من موافقة الكل على ذلك، فإذا بحكومات الدول توافق على ذلك، وإذا بالمشايخ يهرعون وراءهم، ويقولون هذا الشيء، فتجترئ هذه المرأة الفاجرة وتقول: ما المانع أن تكون المرأة نصيبها في الميراث كالرجل؟ وأنا شخصياً أوصي بهذا الشيء، وأن يكون ابني كبنتي، ولا تكون البنت أقل من الابن، وتجترئ على كتاب الله، والذي جرأها على ذلك خيبة المشايخ، وخيبة المسلمين.
فإنهم تركوا الدين وراءهم فاجترأت الفاجرات والكافرات والعاهرات بالكلام، وحتى الممثلة الفاجرة المجرمة تتكلم في دين الله سبحانه تبارك وتعالى، وتقول: أنا أرى كذا وكذا!!! فإذا تكلم أهل الدين قالوا: رجعيون، وقالوا: أصوليون، وقالوا: إرهابيون، وقالوا: متزمتون، فتركوا الدين وراءهم، وأصبح الذين يتكلمون في دين الله الصحفي المأجور العميل، والمرأة الفاجرة المجرمة، والمرأة العاهرة الممثلة، والمغنية، والرقاصة.
وإذا تكلم أهل الدين قالوا لهم: ما لكم ولهذا؟! فنحن ما تأخرنا إلا بهذا الشيء! ألا لعنة الله على الكافرين، فإن شرع الله عز وجل من تمسك به وجعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن ألقاه وراء ظهره قاده إلى نار جهنم والعياذ بالله، فكتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، من أخذ به عصم، ففيه العصمة، ولا تغتر بكثرة الهلكى والفسقة والمجرمين، قال بعض السلف: الزم طريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين، فالهلكى كثيرون، ولكن الزم دين الله عز وجل وشرعه، قال تعالى: ((َلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)).
فلا تتبع أهواء هؤلاء، ((إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا))، فكل إنسان مسئول عن نفسه يوم القيامة، أما من يفتي للناس ويقول: أنا أحملها يوم القيامة، فقد قال الله عز وجل: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور:٢١]، فمن يحلل للناس الربا ويقول: أنا أحملها يوم القيامة، فليحمل مصيبته، وكل إنسان قد عرف حكم الربا في دين الله عز وجل، وعرف الحلال من الحرم.
والذي يحلل بيع الخمر للكفار ويقول: أنا أحملها عند الله يوم القيامة، أيحمل خبثاً من الخبائث في الدنيا وفي الآخرة؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فيوم القيامة لا يغني أحد عن أحد شيئاً، كما قال الله: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور:٢١].
وقال: {ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:١٦٤]، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة، (لعن عاصرها ومعتصرها وبائعها ومشتريها، وساقيها ومسقيها، وحاملها والمحمولة إليه، وآكل ثمنها).
ثم بعد ذلك يجوز بعضهم بيعها للكفار! ويجيز للمسلم أن يبيعها للكافر في الفنادق في بلاد المسلمين، فطالما الكفار يشربونها فالمسلمون يبيعونها لهم!