[تفسير قوله تعالى: (ليأكلوا من ثمره)]
قال سبحانه: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} [يس:٣٥].
أي: ليأكلوا من ثمر ما أخرجناه من الأرض، أو من ثمر العيون.
وفي قوله تعالى: (من ثمره) قراءتان: قراءة الجمهور: (من ثَمرَه) , بفتح الثاء.
وقراءة حمزة والكسائي وخلف: (ليأكلوا من ثُمره)، بضمها، وكأن الثَّمر تجمع على ثمار، ويجمع الجمع على ثُمر.
واللام في قوله: (ليأكلوا) إما أن تكون تعليلية أو للعاقبة أي: تكون العاقبة أن يأكلوا من الثمار.
قال تعالى: {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} [يس:٣٥] قرأ الجمهور: (وما عملته أيديهم).
وقرأ شعبة عن عاصم وحمزة والكسائي وخلف: (وما عملت أيديهم).
قد تكون (ما) نافية، فيكون المعنى: أن الله سبحانه هو الذي أخرج ذلك والتقدير: لتأكلوا هذه الثمار ولم تعمل أيديكم هذه الثمار، إنما الذي خلقها وأوجدها الرب سبحانه وتعالى، الذي أنزل الماء من السماء، وأحيا هذه الأرض.
أو تكون (ما) بمعنى (الذي) فيكون قوله تعالى: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} [يس:٣٥]، أو (وما علمت أيديهم).
والمعنى: أن الله خلق لك هذا القمح، ثم أخذته وطحنته ثم عجنته وأدخلته الفرن، فأخرجته خبزاً، فهذا الذي عملت يداك مما أخرجه الله سبحانه، وكلا المعنيين صحيح.
قال تعالى: {أَفَلا يَشْكُرُونَ} [يس:٣٥] أي: هلا شكروا الله سبحانه على ما أخرج لهم، وعلى ما رزقهم من عقول فيصنعون ذلك.
وانظر إلى البهائم والحشرات والطيور كيف تأكل الثمرة كما هي، وتلتقط الحبة كما هي؛ لكن أنت أيها الإنسان أعطاك الثمار، وأعطاك الحبوب، وأعطاك العقل لتفكر، وألهمك كيف توقد النار وكيف تصنع الطبيخ، وكيف تصنع الحلوى، أفلا تشكر الله سبحانه وتعالى، وكان قادراً على أن يحجب عنك ذلك، فتأكل الطعام كما يخرج من الأرض بدون طبخ وإصلاح.