يذكر الله عز وجل أمر الذين عبدوا الهوى من دونه سبحانه وتعالى، وكل من يعبد شيئاً من دون الله فهو عابد لهواه؛ لأنه يعبد ذلك معرضاً عن الحق، معرضاً عن الله سبحانه، معرضاً عما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، متبعاً بزعمه ما يهواه وما يحبه، متبعاً ما يراه أنه هو الذي يصلح، وإن كان حقيقة الأمر أنه لا أحد ممن يعبد مخلوقاً من دون الله سبحانه وتعالى يقتنع بذلك، فالذين عبدوا الأصنام وعبدوا الأحجار وعبدوا الشمس وعبدوا القمر علموا أن هذه الأشياء لا تنفع ولا تضر، ولكن كل منهم أراد أن يجعل لنفسه شيئاً يختص به كنوع من الهوى ونوع من المزاج، هذا يعبد الصنم الفلاني، وهذا يعبد الصنم الفلاني، وهذا الصنم صنم القبيلة، وإذا كان الإنسان سيداً في قومه فله صنم لوحده، وكل إنسان بمزاجه يعبد ما يريد، فهنا ربنا سبحانه وتعالى عجب من هؤلاء، يعني: أمر الدنيا صارت بالأهواء، وكذلك العبادة يعبدون بأهوائهم، ولا يعبدون الله سبحانه، وقد علموا أنه خالقهم، وأنه رازقهم، وأنه محييهم، وأنه مميتهم سبحانه، فعجباً لأمر هؤلاء الذين اتخذوا الهوى إلهاً من دون الله سبحانه.
وذكرنا أن الإنسان الذي يتبع غير سبيل الله سبحانه، ويتبع غير سبيل المؤمنين متبع للهوى، سواء كان في العبادة أو في المعاملة أو في العادة أو غير ذلك، وسبيل الله عز وجل كما قال تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام:١٥٣].
فصراط الله واحد، وهو طريق واحد جاءنا من عند الله سبحانه وتعالى على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، هذا طريق الله، وغير هذا الطريق على رأس كل منها شيطان يدعو إليها ويهوي بصاحبها إلى النار.