فينبغي على المسلم أن يحرص على ذلك، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم أجر هذا الذكر عظيماً؛ لأنه اشتمل على عدد من مسائل الاعتقاد، وهي: أن الله واحد لا شريك له سبحانه وتعالى، وأنه يحي ويميت، وأنه يخلق، وأنه يرزق سبحانه وتعالى، وأن الله هو الحي الذي لا يموت سبحانه، وهو الذي بيده الخير، وهو على كل شيء قدير ومسائل الاعتقاد أجرها عظيم عند الله.
وأيضاً لأن السوق مليء بالأشياء التي قد يأثم بها الإنسان، فقد ينظر إلى نساء عاريات، قد يصطدم بامرأة أو برجل أو كذا، فلا يخرج منه إلا وقد امتلأ من الآثام الكثيرة، وقد يحلف كاذباً في بيعه أو شراءه، وقد يخدع، وقد يمد يده إلى شيء من غير إذن صاحبه، وقد يفعل معاصٍ كثيرة، فلا يخرج من السوق إلا وقد وقع في كبيرة من الكبائر، أو في كثير من الصغائر؛ فلذلك يذكره النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الذكر، فإذا قاله لم توقعه نفسه في شيء من هذه الأشياء؛ لأنه ذكر الله عز وجل، وأن الله حي لا يموت، وأن الله يحي ويميت، فيتذكر أنه راجع إلى ربه عز وجل مرة أخرى حين يموت، وأنه قد أخذ عليه العهود والمواثيق أن يعبد الله ولا يشرك به شيئاً، وأن يفعل ما أمره الله عز وجل به، فيتذكر الإنسان أن الله حي الذي لا يموت، وأنه سيموت فيحاسبه الله سبحانه وتعالى، يتذكر أن الله على كل شيء قدير، فيخاف منه؛ لأنه ليس منه مهرب، ويتذكر أن الله سبحانه يرزق عباده، فهو الذي بيده الخير وهو على كل شيء قدير، فإذا تذكر ذلك فلن يسرق، أو يمد يده إلى شيء خفية، أو يغش؛ لأنه يعلم أن الله بيده الخير، وأن خزائنه مليئة لا تغيض، وأن المعطي هو الله، فيدع ما عند الناس، ولا يأخذ مالاً إلا بطيب نفس من صاحبه.
فإذاً: على الإنسان المؤمن أن يذكر نفسه بهذا الذكر؛ حتى يتعامل مع الناس معاملة إسلامية صحيحة، فإذا دخل السوق فإنه يغض بصره، ولا ينظر إلى ما حرم الله، ولا يحسد الناس على ما أتاهم الله عز وجل من فضله سبحانه وتعالى، ولا يجادل كثيراً، ولا يماكس أو يساوم حتى يرهق الإنسان، وإنما يتخلق بالخلق الحسن، وكل ذلك يتذكره حين يقول هذا الذكر:(لا إله إلا الله)، يعني: لا أعبد إلا الله وحده لا شريك له، فعبادتي لله، فصلاتي وصيامي ودخولي السوق للبيع أو الشراء ومعاملاتي وآدابي وأخلاقي لله، وهي معاملة مع الله سبحانه، وكل هذه يتذكرها المسلم وهو يقول:(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير).
فإذا تذكر الثواب هانت عليه الدنيا، فإنه يعطى (ألف ألف حسنة، ويمحى عنه ألف ألف سيئة، وترفع له ألف ألف درجة)، وهذا شيء كثير جداً من فضل الله عز وجل، فإذا نظر إلى ذلك فإنه يحتقر الدنيا، فلم تعد لها عنده قيمة، فيعود ويسأل نفسه: لماذا يعمل كذا، ويحسد الناس على ما أتاهم الله من فضله؟ ولماذا ينظر إلى النساء الكاسيات؟ ولماذا يعمل كذا؟ فيتذكر عند ذلك جنة الله سبحانه، فتهون عليه الدنيا، فيدخل السوق ويحصل على الأجر من الله، ويحصل على ما يحتاجه من السوق ثم يخرج، وهذا فضل من الله.