الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
سورة الدخان من السورة المكية، ومن خصائص السور المكية: إقرار أمر العقيدة، وبيان الحكم والمواعظ من قصص الأنبياء مع أقوامهم.
فقد جاء أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام إلى أقوامهم فدعوهم إلى الإيمان بالله، فكفروا وكذبوا وأعرضوا، فجاءهم العذاب من عند الله.
وقصة موسى مع فرعون تكررت في القرآن على صور شتى، وفي كل موضع يذكر الله عز وجل العظة والحكمة المراد بها، وفي كل موضع تجد السياق متفقاً مع باقي السورة، وموافقاً لها في فواصلها، وفي طولها وقصرها.
وذكر قصة موسى عليه السلام في مواضع كثيرة من كتابه سبحانه وتعالى من بلاغة القرآن وفصاحته، وحسن سياقه، وحسن إيراده لهذه القصص العظيمة، متوخياً العبرة في كل موطن منها، فإذا ساقها بطولها في سورة طويلة كسورة الأعراف فإنه يسوق القصة ويذكر ما وراء ذلك من عبر فيها، وإذا ساقها باختصار فإنه يشير إليها إشارة، كسورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}[الأعلى:١] أو غيرها من السور التي يشير فيها إشارة إلى موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وفي كل موضع يذكر فيها العبرة، وهذا من تفنن القرآن العظيم في ذكر هذه القصة، ففي كل موضع تأخذ منه عبرة من العبر، وتجدها متسقة مع السياق الذي تدل عليه، أو الذي تساق فيه.
وذكر سبحانه وتعالى هنا أن الأقوام السابقين كذبوا، ومن هؤلاء قوم فرعون، وقد قال سبحانه للمشركين:{أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ}[الدخان:٣٧].
فهذه صورة من صور إجرام السابقين مع أنبياء الله المرسلين عليهم الصلاة والسلام.