فهذا الرجل العظيم أنس بن النضر قتل في سبيل الله، فماذا كانت منزلته عند الله وهو في الدنيا؟ فمن الضرورة أن تكون له في الدنيا منزلة عند الله؛ حتى يعطيه الله عز وجل هذه الشهادة العظيمة، وينزل فيه قوله تعالى:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا}[الأحزاب:٢٣]، وحتى يصدقه الله سبحانه وتعالى في حسن بلائه في سبيل الله سبحانه.
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: إن أخته وهي تسمى: الربيع كسرت ثنية امرأة.
أي: تشاجرت مع امرأة فضربتها في سنها، فكسرت سنها، فذهب أهل المرأة يشكون للنبي صلى الله عليه وسلم: أن هذه ضربت ابنتنا، وكسرت سنها، ويريدون القصاص.
والنبي صلى الله عليه وسلم يحكم بالعدل، فحكم بالقصاص كما طلبوا، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك إذا بـ أنس يقول: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها؛ يحلف بالله أنه لن يقع القصاص فإذا بأهل المرأة يأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون: عفونا.
فصدق الله يمينه رضي الله تبارك وتعالى عنه، فتعجب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لأصحابه:(إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره).
فبعد أن طلبوا القصاص ورفضوا الدية إذ بهم يرضون بها بعد ذلك، بعد أن أقسم فبر الله قسمه، وكان شهيداً بعد ذلك.