تفسير قوله تعالى:(قد كانت آياتي تتلى عليكم مستكبرين به سامراً تهجرون)
قال سبحانه مبكتاً لهؤلاء:{قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ}[المؤمنون:٦٦]، يعني: كنتم لا تستمعون لهذا القرآن ولا لهذه الآيات، ولا تعتبرون بها، بل ترجعون القهقرى فتتأخرون وتبتعدون عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا تستمعوا لما يقوله عليه الصلاة والسلام.
قال سبحانه:{مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ}[المؤمنون:٦٧]، يعني: بمساركم، أو بمحلكم، أو بالمكان الذي أنتم فيه وهو مكة، متعالين لأنكم أهل الحرم وأنكم أفضل من غيركم، وكان ينبغي لهؤلاء وإن كانوا أهل الحرم وقد جاءهم ذكر من الله سبحانه، أن يفتخروا بالقرآن العظيم، وكان المفروض عليهم أن يتبعوا القرآن العظيم الذي نزل من عند رب العالمين، ولكن كان حالهم أنهم (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً)، (سامراً) مفرد جمعها: سمار، أي: تتسامرون، فقد كانوا يسهرون الليل ويقولون الأقوال القبيحة يؤيدون بها ما هم عليه من باطل، ويردون ويطعنون على النبي صلوات الله وسلامه عليه، وقوله:(تهجرون)، أي: تتكلمون بالقبيح من القول، فقال: إنكم بالليل تسهرون لتكيدوا للنبي صلى الله عليه وسلم وتطعنون فيه، فأنتم تهجرون، وكذلك تتكلمون وتهرفون بما لا تعرفون، فأنتم تهجرون، وتتكلمون بكلام الهجر الذي فيه الهذيان.