تفسير قوله تعالى:(من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها)
يقول الله تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}[الجاثية:١٥] الله عز وجل خلق السماوات والأرض حقاً، خلقهن بالحق، خلقهن ليحق الحق، فهو الحق سبحانه، وقوله الحق، ووعده حق، ولقاؤه حق، والساعة حق، والجنة حق، والنار حق.
فلم يخلق الله سبحانه وتعالى هذا كله عبثاً، وإنما خلقه ليحق الحق، فالسماوات قد أقامها الله عز وجل بميزان العدل وبميزان القسط، والأرض كذلك أقامها الله عز وجل بميزان الحق والقسط.
فيخبرنا سبحانه أنه لا بد من الرجوع إلى الله عز وجل حتى يحق الحق، فكم من إنسان كان في الدنيا من أهل الباطل هل يعقل أن يعيش في الباطل ويموت على الباطل وينتهي الأمر على ذلك؟ فلماذا خلق هذا الإنسان إن الله عز وجل خلقه لحكمة وهي أن يعبد ربه سبحانه، فإن لم يعبده استحق الجزاء من الله سبحانه وتعالى.
فمن عمل صالحاً فعمله لنفسه {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام:١٦٤]، فلا يعمل الإنسان عملاً صالحاً ويكون الثواب لغيره، بل هو الذي يؤجر عند الله.
((وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا)) إذا جر على نفسه الوبال بالإساءة، وجر على نفسه عذاب الله سبحانه وتعالى فسوف يجزى بإساءتهٍ، والمرجع إلى الله عز وجل ليجازي المحسن على إحسانه، والمسيء على إساءته.
((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ)) أي: له ثواب عمله ((وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا)) أي: أن نقمة الله وعذابه وعقابه على هذا العبد بسبب سيئاته.
((ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)) أي: أن المرجع إلى الله سبحانه تبارك وتعالى.