[تفسير قوله تعالى:(وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون)]
قال تعالى:{وَإِنْ جَادَلُوكَ}[الحج:٦٨] أي: إذا جادلوك بهذا الذي يقولونه، {فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ}[الحج:٦٨] أي: الله أعلم بأعمالكم، وبأقوالكم، ونواياكم.
فقد يقول الكافر كلاماً يتوهم منه المسلم أنه يجادل من أجل الوصول إلى الحق، والله يعلم أنهم كذابون، وأنهم لا يريدون حقيقة ولا غيرها.
ولكن يريدون أن يشنعوا على الإسلام وعلى المسلمين، ومهما أظهروا عسلاً أمام الناس فقد أبطنوا فيه سماً.
ولذلك من يطلع على أقوال المستشرقين الذين يمدحون الإسلام تجد أن في باطن كلامهم الكذب على هذا الدين وأنهم يقولون كلاماً يجذبون به الناس، ثم بعد ذلك يضعون لهم السموم.
ومثال ذلك: الكافر الذي ألف كتاب العظماء المائة في التاريخ، يذكر أن أعظم الناس الذي دعوا الخلق وظهروا واشتهروا هو النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم يقول: إنه يفرق بين كونه رجلاً دعا الناس والتفوا حوله، وبين كتابه الممتلئ بالخرافات، وبالكلام الذي لا يقبله العقل! فالله أعلم بما يعمل هؤلاء، وإن أظهروا أن هذا الدين حسن، فإن لهم هدفاً في قلوبهم وهو تشويه صورة الإسلام، ويجعلونه دين خرافات، فلا يعترفون به.
ومن ذلك: ما فعلوا من لجان للتقريب بين الأديان، وأنه لا بد أن يجتمع الناس على التسامح.
ثم يجتمعون من أجل أن يتكلموا عن أمر الأديان الثلاثة: اليهودية، والنصرانية، والإسلام.
ثم يخرجون بوثيقة يرفض اليهود والنصارى التوقيع عليها وقالوا: نحن لا نعترف بالإسلام أصلاً، أنه دين، أما المسلمون فقد كادوا أن يوقعوا على ذلك! فنقول لهؤلاء المستدرجين من المسلمين: إنهم في الحقيقة لا يعترفون بدينكم، وقد قال الله تعالى:{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}[البقرة:١٢٠] فأخبرنا ربنا أن هؤلاء أبداً لن يحبوا المسلمين، ولن يرضوا عنهم حتى يبدلوا دينهم بما هم عليه.
فإذا تغافل المسلم عن ذلك سلط الله عز وجل عليه عدوه حتى يذيقه الأمرين، ليعلموا أن ما قاله الله عز وجل حق!