[الأنبياء لا يطمعون في الدنيا ولكن لا غنى لهم عن بركة الله]
اختبر الله عز وجل أيوب عليه الصلاة والسلام، وامتحنه ثماني عشرة سنة، ثم من عليه سبحانه وتعالى، بأن رد إليه صحته، ورد إليه ماله، وأعطاه الأولاد، وملأ له الخزائن التي كانت تملأ بالقمح وبالذرة أو بالشعير ذهباً، ثم إذا به يبتليه سبحانه ويمتحنه وينزل له من السماء جراداً من ذهب، فيبسط أيوب عليه الصلاة والسلام ثوبه ليأخذ هذا الذهب، فقال الله عز وجل لأيوب: ألم أكن أغنيتك عن هذا، أي: ما مقدار الجراد الذي هو من ذهب أمام الخزائن المملوءة بالذهب عندك، فإذا بالجواب العظيم من أيوب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، أن الأمر ليس في الذهب، ونحن نعلم أن هؤلاء الأنبياء الذين عصمهم الله سبحانه لا مطامع لهم بالدنيا، فلما سأله الله: لماذا تبسط ثوبك؟ قال: لا غنى لي عن بركتك، فهناك أشياء تنزل من السماء قريبة العهد بنا من الله سبحانه وتعالى، فهو لا يستغني عن بركته أبداً حتى لو أعطاه ما أعطاه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك حين ينزل المطر من السماء، فيحسر ثوبه عليه الصلاة والسلام لينال من بركة ما نزل من السماء، فهذا المطر طهور، حيث قال الله عز وجل:{وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان:٤٨].
فكان يحسر ثوبه لينال من بركة هذا الماء المنزل من السماء.