((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)) [الجاثية:٢٣] قوله تعالى: ((أَفَرَأَيْتَ)) هذه قراءة الجمهور، ويقرؤها نافع وأبو جعفر والأزرق بالمد الطويل، ((أفرآيت من اتخذ إلهه هواه))، ويقرؤها الكسائي:((أفريت من اتخذ إلهه هواه))، والمعنى واحد، أي: اعجب لهؤلاء الذين عبدوا الهوى من دون الله سبحانه تبارك وتعالى! وإعراب كلمة لا إله إلا الله، على النحو التالي: لا نافية للجنس، وإله اسمها، والخبر دائماً محذوف، فمثلاً: لا تلميذ في الفصل، ولا مصل في المسجد، خبرهما محذوفان تقديرهما موجود.
ولكن خبر لا النافية في كلمة: لا إله إلا الله ليس تقديره: موجود؛ لأن هناك آلهة غير الله عز وجل تعبد من دون الله، فلا يقال: لا إله موجود غير الله، بل في الوجود آلهة تعبد، منها: الهوى والشيطان وغير ذلك، ولكن التقدير للخبر فيها هو كلمة حق، أي: لا إله حق إلا الله، وكل الآلهة باطل.
فإذاً: هناك آلهة تعبد من دون الله، كالشيطان والأصنام والأوثان والهوى والشمس والقمر والنجوم والكواكب.
وقوله تعالى:((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ)) يعني: اتخذ إلهاً بمزاجه، ويعبد ما يشاء بالهوى، فصار الهوى هو الذي يحكمه، ولذلك يقول سعيد بن جبير: كان أحدهم يعبد الحجر، فإذا رأى ما هو أحسن منه، رمى بالأول وعبد الآخر، أي: إذا رأى حجراً جميلاً، عبده بهواه وبمزاجه وهو يعلم أنه لا ينفع ولا يضر، ولكن الهوى يهوي به في الجحيم والعياذ بالله، فيعبد غير الله ويعرض نفسه للعذاب الأليم.