[ذكر ما جاء من قصة اختلاف كسرى مع قادته وأسباب هزيمته]
أرسل ملك الفرس إلى بلاد الروم أخوين من القادة العظام الذين عنده لقتال الروم، ولما وصلوا إلى بلاد الروم وفعلوا بهم ما فعلوا إذا بأحدهما يرى في المنام أنه جالس على سرير كسرى، فشاعت الرؤيا بين الناس، حتى وصلت إلى الملك، فأراد كسرى قتل هذا القائد الذي رأى هذه الرؤيا خوفاً على ملكه، فأرسل إلى أخيه قائد الجيش أن يقتل أخاه، فرفض ذلك، فبعث له رسالة ثانية: اقتل أخاك! فرفض، وبعث له رسالة ثالثة فإذا به لا يفعل ذلك، فعزله الملك، وولى مكانه أخاه الآخر الذي كان قد أمر بقتله قبل ذلك، وأرسل إليه الملك رسالة أن اقتل أخاك، وكاد يفعل ذلك، لولا أن أخاه أراه الرسائل الثلاث وقال: يرسل إليك الملك بقتلي وأنا أخوك، وتريد أن تنفذه، وقد أرسل إلي من قبل بثلاث رسالات يأمرني فيها بقتلك، فلم أفعل، فلما نظر في الأمر وجد أن ذلك صحيح، وعرف أن الملك يريد الوقيعة بينه وبين أخيه، وأنه يريد بهما شراً، فلم يفعل وعصى الملك وأخذ يتفاوض معه، ولحقت الهزيمة بالفرس، ولا يتوقع الإنسان مثل ذلك، فإن ذلك شيء عجيب جداً! فإذا بالروم يجتمعون لقتال كسرى، وهزموه ومن معه، وهذا تدبير رب العالمين سبحانه، إذ انهزموا كما أخبر الله سبحانه وتعالى في فترة يسيرة، قال تعالى:{فِي بِضْعِ سِنِينَ}[الروم:٤]، ولم يجعل الله الأمر مفتوحاً، بل قال لهم:{فِي بِضْعِ سِنِينَ}[الروم:٤]، والعرب عندهم (بضع) ما بين الثلاث إلى التسع، {فِي بِضْعِ سِنِينَ}[الروم:٤].