ثم يقول سبحانه:{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[النور:٢٦]، الخبيثات: أكثر المفسرين على أن المراد بها هنا: الكلمات، يعني: الكلمات الخبيثات، والسياق نفسه يدل على ما حدث من أهل الإفك في كذبهم على عائشة، فقد أخذوا الكلمات الخبيثة في ذم السيدة عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنها وفي قذفها، فالله عز وجل يقول للناس: تفكروا! فالكلمات الخبيثة لا تخرج إلا من خبيث، فالخبيثات للخبيثين، والخبيثون هم: أهل الخبث، وهم متلازمون مع الكلام الخبيث، فهي لهم وهم لها.
قال:{وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ}[النور:٢٦] أي: أصحاب الكلمات الطيبة الجميلة، فهي لا تخرج إلا من الإنسان الطيب، صاحب الكلام الحسن، والنية السليمة، والقلب الطيب، فالطيبات للطيبين، فهم أهل لذلك.
وكلام الإنسان دليل على ما في قلبه، فإن كان لا يتكلم إلا بكلام خبيث فهو إنسان خبيث، وإن كان لا ينطق إلا بطيب فهو إنسان طيب، قال تعالى:{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ}[النور:٢٦].
ثم قال:{أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ}[النور:٢٦] يعني: أن الطيبين والطيبات بريئون من كلام هؤلاء الخبثاء الذين يرمونهم بالفواحش، يعني: المنافقين.
ثم قال:{لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[النور:٢٦]، فقد أعد الله عز وجل لهم المغفرة العظيمة يوم القيامة، وكذلك الرزق الكريم؛ جزاءً على صبرهم في الدنيا على أصحاب الكلام الخبيث.
نسأل الله العافية في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.