قال الله تعالى:{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}[القصص:٥١].
أي: أتبعنا هذا القرآن ينزل بعضه وراء بعض حتى يتبين لهم ويعلموا، وهذا كقولك: وصلت لك المعلومة بكل طريقة، فوصلتها لك على هيئة الحكاية والقصة، وعلى هيئة الأمر والنهي، وعلى هيئة الموعظة.
فهذا القرآن العظيم والى الله عز وجل إنزاله يتبع بعضه بعضاً وعداً ووعيداً، وقصصاً وعبراً، ونصائح ومواعظ، وأوامر ونواهي؛ حتى يتذكروا فيفلحوا، فكأن الله عز وجل قد أقام عليهم بذلك حجته لما وصل لهم هذا القول بهذا النحو.
يقول ابن عباس رضي الله عنه:{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ}[القصص:٥١] أي: أتممنا لهم، والمعنى: لم نزل ننزله شيئاً فشيئاً، حتى أقمنا عليهم الحجة وأتممنا نورنا.
ومن معاني قوله تعالى:{وَصَّلْنَا}[القصص:٥١] أي: فصلنا لهم القول.
ومن معانيها كذلك: وصلنا خبر الدنيا بخبر الآخرة، وذكرناهم بأمر دنياهم، وأن يعملوا صالحاً حتى يصلوا إلى الآخرة فينجوا من النار ويدخلوا الجنة.
قال:{لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}[القصص:٥١] فيذكرون الله سبحانه ولا ينسون شرعه، ولعلهم يتعظون بهذا الذي جاءهم فينتهون عن عبادة الأوثان.