يخبرنا الله سبحانه تبارك وتعالى في هذه الآيات أنه هو وحده الذي يخلق سبحانه تبارك وتعالى، وأن هو الذي يختار وأنه له الخلق وله الأمر كما قال سبحانه:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}[الأعراف:٥٤]، فهو الذي يخلق، وهو الذي يأمر، وهو الذي يشرع لعباده؛ لأنه أعلم بما في نفوسهم.
قال:(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ) أي: من خلقه سبحانه (ويختار) من يشاء من هؤلاء الخلق ليكونوا رسلاً وأنبياء، فأنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام أولياء الله اختارهم واجتباهم واصطفاهم، وجعلهم الخيرة من خلقه، فقال:(رَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ).
وكان المشركون قد اعترضوا على كون النبي صلى الله عليه وسلم رسولاً من رب العالمين، وقالوا: هلا جعل الله هذه الرسالة لرجل من القريتين عظيم، قال تعالى:{وَقَالوُا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}[الزخرف:٣١]، فقال الله عز وجل رداً عليهم:(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ) أي: ليس لهم الاختيار في ذلك، إنما هو من الله عز وجل يختار من يشاء، ويجتبي ويصطفي من يريد.
{سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[القصص:٦٨] أي: تنزيهاً له سبحانه عن شرك هؤلاء المشركين، وعن إراداتهم الباطلة، فهم يريدون أن يفطئوا نور الله سبحانه تبارك وتعالى، ويريدون أن يكون الدين بالتشهي والهوى، فسبحان الله وتعالى الله عما يقول هؤلاء الكافرون.