للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الهدف الأسمى من إرسال الرسل هو الدعوة إلى التوحيد]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

قال الله عز وجل في سورة الأنبياء: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ * وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ * أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ * وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} [الأنبياء:٢٥ - ٣٢].

يخبرنا ربنا سبحانه وتعالى في هذه الآيات أنه لم يرسل من قبل النبي صلى الله عليه وسلم رسولاً إلا بأهم شيء خلق الله عز وجل الخلق من أجله، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:٢٥].

فقوله: {أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:٢٥]، هذه هي دعوة المرسلين لقومهم؛ يدعونهم إلى توحيد الألوهية، فقد كانوا يعرفون توحيد الربوبية، أي أن الله هو الرب سبحانه، الذي يخلق، والذي يرزق، والذي ينفع، والذي يضر، والذي يعز، والذي يذل، الذي بيده أقدار الخلق، كانوا يعرفون أنه الله ولكنهم كانوا لا يفردون الله بالعبادة، بل كانوا في الغالب يعبدون غير الله من الأصنام أو الملائكة أو الجن أو البشر، وقد ينصب بعضهم نفسه إلهاً على الناس ليعبدوه من دون الله.

فربنا سبحانه ما أرسل من رسول إلا بهذه الدعوة، وهي أن يدعو الخلق إلى لا إله إلا الله، يدعوهم ليكونوا مسلمين لله رب العالمين سبحانه وتعالى، فمن عهد آدم عليه السلام والأنبياء يدعون إلى دين الإسلام، أي: الاستسلام لله سبحانه وتعالى بأن يسلم العبد نفسه لربه يتصرف فيه كما يشاء، يأمره بما يشاء، يشرع له ما يشاء، فهو الذي بيده مقاليد خلقه جميعهم.

فقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ} [الأنبياء:٢٥]، إلا بهذه الدعوة، {إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ} [الأنبياء:٢٥]، وقراءة الجمهور: (إلا يوحى إليه)، وحفص قرأها: {إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ} [الأنبياء:٢٥]، أي: الله سبحانه وتعالى يوحي إليه.

والوحي من الله عز وجل، وهو العلم الذي ينزله على نبي من أنبيائه سبحانه وتعالى وصلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وذلك بأن يرسل رسولاً من السماء، أو يلقي في روع النبي الأمر، وهذا الأمر أو الوحي هو: {لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:٢٥]، أي: فاعبدني وأمر قومك أن يعبدوني.

<<  <  ج:
ص:  >  >>