للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم)]

قال تعالى: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الزمر:١٣] أيضاً هذه قراءة الجمهور، وقرأها نافع وأبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو: ((قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)) وحاشا له أن يقع في معصية الله صلوات الله وسلامه عليه.

وهذه سورة من السور المكية التي يهتم ربنا سبحانه تبارك وتعالى في الآيات التي فيها بتربية المؤمنين على طاعة الله سبحانه وعلى العمل الصالح وعلى الإخلاص لله سبحانه تبارك وتعالى، فهنا ينبهنا إلى أن هذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأنعام:١٥] أي: يخاف من عذاب يوم القيامة، وظل هذا الأمر إلى أن هاجر إلى المدينة وإلى أن أنزل الله عز وجل عليه في سورة الفتح: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح:٢]، وهذه كانت في الحديبية في ذي القعدة من السنة السادسة من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.

وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهو لا يدري ما الذي يكون معه ومع غيره إلى أن أنزل الله عز وجل عليه في يوم الحديبية: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا} [الفتح:١ - ٣]، فجاء الفتح من عند الله سبحانه، مع أن المؤمنين كانوا خارجين من الحديبية على أنهم مهزومون وعلى أنهم مأخوذ عليهم الشروط الثقيلة، وعمر وغيره يسألون النبي صلى الله عليه وسلم: أو فتح هو؟ فيقول عليه الصلاة والسلام: نعم إنه فتح.

وكان من أعظم الفتح على النبي صلى الله عليه وسلم، فما فتح على الإسلام من خير إلا بفضل الله عز وجل ثم بما حدث في هذا اليوم فرجع المؤمنون وحدث التواصل بين أهل المدينة وبين أهل مكة، فدخل في دين الله في خلال سنتين أكثر مما دخل فيه قبل ذلك بكثير، فتعرف المشركون على دين الله سبحانه، ولم يزل يهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويأتي إليه حتى إنه في يوم الحديبية كان عدد المؤمنين مع النبي صلى الله عليه وسلم ألفاً وخمسمائة، وفي فتح مكة كانوا عشرة آلاف فكان الفتح بعد ذلك، وبشره الله بأن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأن يتم عليه النعمة، فأتم عليه النعمة وأكمل له هذا الدين العظيم، فلما كمل الدين توفي النبي صلوات الله وسلامه عليه.

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من عباده المؤمنين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>