قال الله تعالى:{قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}[سبأ:٤٧] أي: إن كنت طلبت منكم مالاً فخذوه، ولو أني سألتكم مالاً فهو لكم، وفي سورة الشورى قال سبحانه:{قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى:٢٣] يعني: لا أسألكم عليه من أموالكم شيئاً، ولكن أطلب منكم أن تراعوا المودة التي بيني وبينكم، {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ}[يونس:٧٢].
إذاً:{قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}[سبأ:٤٧] وهذه قراءة الجمهور كما ذكرنا قبل ذلك، والقراءة الأخرى لـ قالون، وأبي جعفر، وأبي عمرو، والكسائي:(فهْو لكم) وقراءة نافع وأبي جعفر، وقراءة أبي عمرو، وقراءة ابن عامر، وحفص عن عاصم:(إن أجريَ إلا على الله) وباقي القراء يقرءونها: (إن أجريْ إلا على الله) منهم من يمد ومنهم من يقصر.
والمعنى: لا أطلب الأجر إلا من الله سبحانه وتعالى، وهو على كل شيء شهيد، فهو شهيد علي فيما أطلب وفيما أقول، وشهيد عليكم سبحانه، وكلمة شهيد على صيغة مبالغة من الشاهد وهو سبحانه الذي يعلم ما يقولونه، ويشهد عليهم سبحانه وتعالى، والشهيد: الرقيب العالم الحاضر الذي يراقب أفعالكم وأقوالكم، والذي يراقبني ويراقبكم.
فلذلك النبي صلوات الله وسلامه عليه لا يحتاج إلى أموالهم، فالله هو الرزاق الكريم الذي يرزقهم سبحانه، فيطلب منهم أن يستجيبوا، وإن لم يستجيبوا فليفكروا في أنفسهم هل في صاحبهم من جنة؟ هل صاحبهم هذا طلب منهم أشياء من دنياهم؟ إنما طلب منهم أن يعبدوا الله وحده لا شريك له.
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا الإخلاص وكلمة التوحيد، وأن يحيينا عليها وأن يتوفانا عليها.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.