[أمر الله تعالى لنبيه بتلاوة القرآن والصلاة والذكر]
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
أمر الله سبحانه وتعالى نبيه أن يتلو ما أوحي إليه من الكتاب وأن يقيم الصلاة صلوات الله وسلامه عليه فقال: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:٤٥]، فأُمر صلى الله عليه وسلم بالتلاوة والتبليغ.
وقال له ربه: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر:٩٤].
فأمره بأن يجهر للناس بهذه الدعوة العظيمة ويدعوهم إلى الله سبحانه، ويستعين على الدعوة إلى الله عز وجل بالصلاة وبذكر الله سبحانه وتعالى.
والصلاة عظيمة يستعين بها الإنسان على الدعوة إلى الله سبحانه ويتقرب بها إليه، وهي صلة بينه وبين الله.
والصلاة تنهى العبد عن معصية الله سبحانه، وتنهاه عن الفواحش والمنكرات، وتعينه على طاعة الله سبحانه، وعلى تبليغ هذه الدعوة بما يفتح الله عز وجل على العبد بذلك.
وأمره بذكر الله والإكثار من ذكره سبحانه فقال: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت:٤٥] أي: ذكر الله أكبر من كل شيء، فإذا كان الإنسان يصلي فينتهي عن الفحشاء والمنكر بهذه الصلاة، وهنا ذكر الله يكون في صلاته وفي عمله وفي قيامه وفي قعوده وفي كل أحواله.
فإذا كان الذكر قد استولى على قلب الإنسان ليل نهار في كل أحواله سواء في صلاة أو في غير صلاة، فهذا أكبر بكثير من الصلاة وحدها.
والمعنى: أكثر من ذكر الله سبحانه ولا تترك الذكر.
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحواله، سواء كان على وضوء أم لا، وكان لا يمنعه ولا يشغله عن ذكر الله شيء.
وذكر الله تعالى يستعين به العبد على طاعة الله سبحانه ويستعين به على الدعوة إلى الله.
فالذين يدعوهم إلى الله: إما أن يكونوا مسلمين، وإما أن يكونوا كفاراً، وهؤلاء الكفار منهم من في قلبه طيبة، وقد يستمع إلى هذا القرآن فيؤمن؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلغ مثل هذا وأن يجادله بالحسنى.
إذاً: بذكر الله وإقامة الصلاة يكون عند الإنسان رصيد في قلبه من تقوى الله عز وجل، ومن طاعته سبحانه، فيدعوه هذا إلى أن يدعو إلى الله بالحسنى، ويدعو إلى الله سبحانه بالموعظة الحسنة.