وإذا كان الأمر كذلك فاصبر، كما قال تعالى:{فاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}[الأحقاف:٣٥]، أي: كما صبر الرسل من قبلك فلست أقل منهم شأناً، قال تعالى:{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ}[الأحقاف:٣٥]، فهذه الدنيا التي يراها الإنسان طويلة عريضة، ويراها زمناً طويلاً، ويرى فيها التكذيب والمحاربة لله سبحانه وتعالى ولرسوله عليه الصلاة والسلام فـ {يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ}[الأحقاف:٣٥]، أي: من العذاب، و {يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ}[الأحقاف:٣٥] أي: يوم الحساب، كأنهم ما لبثوا في هذه الدنيا إلا ساعة، قال تعالى:{قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ}[المؤمنون:١١٣] قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ}[الأحقاف:٣٥]، أي: هذا بلاغ وإنذار من الله عز وجل.
{فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}[الأحقاف:٣٥]، أي: لا يهلك إلا الإنسان الفاسق الذي خرج عن الإيمان وعن طاعة الرحمن وعن دين ربه سبحانه وتعالى، فهو الذي يستحق العذاب.
فطمأن الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم وأمره بالصبر، فصبر النبي صلوات الله وسلامه عليه، وقد أمره الله عز وجل بالصبر في السور المكية وفي السور المدنية فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[آل عمران:٢٠٠] وهذه في سورة آل عمران وهي مدنية.