فلما طلب عليه السلام ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده سخر له الله عز وجل جنوداً عظيمة جداً، من الإنس والجن والطير والدواب، لا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى، وأفهمه لغاتها، حتى إنه سمع من النملة عندما قالت:{قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}[النمل:١٨] فسمع دعاءها، وفهم كلامها، قال تعالى:{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}[النمل:١٩].
وهذا يذكره الله عز وجل من سير هؤلاء عليهم الصلاة والسلام حتى نتبع هؤلاء في حمدهم لربهم وشكرهم له سبحانه، وحتى نعلم أن الأنبياء منهم من ابتلي بالخير فحمد وشكر، منهم من ابتلي بالضر فصبر وأجر، فكل له الأجر عند الله سبحانه.
فسليمان عليه السلام أعطاه الله عز وجل الريح، قال تعالى:{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً}[الأنبياء:٨١]، أي: شديدة الهبوب {تَجْرِي بِأَمْرِهِ}[الأنبياء:٨١]، كما قال تعالى:{رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ}[ص:٣٦]، أي: تسير بالسحاب وتحمله إلى حيث أراد، فتجري الريح رخاءً حيث أصاب.