قال المفسرون: هذه الآية نزلت في خصوص بعض المشركين، وإن كانت العبرة بعموم اللفظ، فلا مانع من أن نعرف هؤلاء الذين نزلت في خصوصهم هذه الآية، وإن كان كل ظالم يوم القيامة يفعل ذلك:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ}[الفرقان:٢٧]، فالذي لم يتبع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقتد به ولم يدخل في دينه، يعض على يديه يوم القيامة ويقول ذلك.
يقول ابن عباس وسعيد بن المسيب: إن الظالم هاهنا يراد به عقبة بن أبي معيط وخليله أمية بن خلف، فقوله تعالى:{يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا}[الفرقان:٢٨]، هي على عمومها، فكل إنسان صادق إنساناً من أهل السوء ومشى معه، وأحبه للدنيا يجيء يوم القيامة كما قال تعالى:{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ}[البقرة:١٦٦]، فلا صلات فيما بينهم، ولا قرابات تنفعهم، فيندم كل إنسان على ما فرط وضيع، ويقول:{يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا}[الفرقان:٢٨]، قال ابن عباس: سبب نزول هذه الآية أن عقبة بن أبي معيط كان خليلاً لـ أمية بن خلف، وأمية بن خلف وأبي بن خلف أخوان، وكان الثلاثة يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم.
وعقبة بن أبي معيط ابنته من المؤمنات المهاجرات رضي الله عنها، واسمها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط هاجرت وحدها إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه، وأبوها من رءوس الكفر، يقول ابن عباس: يراد بهذه الآية عقبة بن أبي معيط وخليله أمية بن خلف، فأما عقبة فقتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان عقبة في الأسارى في يوم بدر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله؛ بسبب إيذائه الشديد للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة، ولو كان هذا الرجل أسلم لتركه النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ظل على كفره فأمر بقتله صلوات الله وسلامه عليه، فقال:(أأقتل دونهم؟ فقال: نعم بكفرك وعتوك)، أي: أنت كنت كافراً شديد الإفساد وشديد العتو، فقال عقبة: من للصبية؟ قال:(النار)، فقتله علي رضي الله تبارك وتعالى عنه.