قال الله:{إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}[الصافات:١٢١] أي: إنا كهذا الجزاء العظيم نجزي المحسنين، قال:(كَذَلِكَ) ذلك: اسم إشارة للبعيد، واسم إشارة للشيء المعظم، أي: كذلك الذي تركناه عليهما من فضلنا العظيم وأثنينا عليهما وجعلنا الثناء الحسن على ألسنة الخلق، نفعل بكل إنسان محسن، نترك له ذكراً جميلاً وثناءً حسناً على ألسنة من يأتون بعده، فيذكرون الإنسان المحسن، يقولون: رحمه الله كان رجلاً محسناً، ويذكرون من فضله فيدعون له، فالله عز وجل يجعل ذلك على ألسنة من يشاء من خلقه؛ ولذلك جاء في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإنسان الذي يتوفى إذا تكلم الناس عنه بخير:(أنتم شهداء الله في الأرض، وقال: وجبت وجبت وجبت) أي: وجبت له الجنة بثناء الناس عليه، وآخر أثنى الناس عليه شراً فقال:(وجبت وجبت وجبت) أي: وجبت له النار؛ لأنهم شهداء الله في الأرض.
فالله يجعل ملائكة تنطق على لسان أحدكم، فالنطق يكون شيئاً عفوياً، فقد يكون إنسان لا يقصد شيئاً فيتذكر فلاناً فيقول: الله يرحمه، لقد كان رجلاً طيباً، وكان رجلاً صالحاً، فالملائكة تجعله ينطق بذلك، فيكون الثناء الحسن من الله سبحانه وتعالى على هذا الإنسان.