[تفسير قوله تعالى:(ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون)]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة المؤمنون:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ * يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}[المؤمنون:٤٩ - ٥٢].
يخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات أنه قد آتى النبي موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام الكتاب، أي: التوراة، وقوله (لعلهم يهتدون) أي: من أرسل إليهم وهم بنو إسرائيل، لعلهم يهتدون بأحكامها والشريعة التي أنزل الله عز وجل فيها.
قال تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}[المؤمنون:٤٩]، فالله عز وجل أنشأ القرون وأرسل إليهم رسلاً يدعونهم إلى دين رب العالمين، ويهدونهم إلى صراط الله سبحانه، فما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم قد جاء أنبياء ورسل قبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أقوام بكتب من عند الله سبحانه وتعالى كما جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فليس بدعاً من الرسل، بل إن موسى دعا بني إسرائيل، ولكن نبينا صلوات الله وسلامه عليه قد خصه الله عز وجل بأشياء، وفُضل على من قبله بأشياء، منها: أن رسالته عامة صلوات الله وسلامه عليه، وأما الأنبياء قبله فكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، أما نبينا صلى الله عليه وسلم فقد بعث إلى الثقلين الإنس والجن، وإلى الأبيض والأحمر والأسود، وإلى جميع الخلق يدعوهم إلى رب العالمين سبحانه وتعالى.
وهذه السورة مكية يخبر الله فيها عن أحوال الرسل، وعن الأقوام الذين دعاهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، وكيف كذبوا وكيف انتقم الله عز وجل منهم.
وبنو إسرائيل الذين كانوا مستضعفين في الأرض أراد الله عز وجل أن يمن عليهم وأن يظهرهم وأن يقويهم، وأرسل إليهم موسى عليه الصلاة والسلام برسالة من عند رب العالمين وهي التوراة، رسالة فيها شريعتهم، فجاء ودعا بني إسرائيل وعلمهم وأرشدهم، ودعا فرعون ليعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً.
فأخبر عز وجل أنه كذب موسى، قال:{فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ}[المؤمنون:٤٨]، أي: فرعون وملؤه، (فَكَذَّبُوهُمَا) أي: كذبوا موسى وهارون عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام (فَكَانُوا) فرعون وملؤه (مِنَ الْمُهْلَكِينَ).